ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شئ قدير (77) والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة لعلكم تشكرون (78) ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله (المسألة الثانية) في المراد بهذا المثل أقوال كما في المثل المتقدم، (فالقول الأول) قال مجاهد: كل هذا مثل إله الخلق وما يدعى من دونه من الباطل. وأما الأبكم فمثل الصنم، لأنه لا ينطق البتة. وكذلك لا يقدر على شئ وأيضا كل على عابديه لأنه لا ينفق عليهم وهم ينفقون عليه، وأيضا إلي أن مهم توجه الصنم لم يأت بخير. وأما الذي يأمر بالعدل فهو الله سبحانه وتعالى.
(والقول الثاني) أن المراد من هذا الأبكم: هو عبد لعثمان بن عفان كان ذلك العبد يكره الاسلام، وما كان فيه خير، ومولاه وهو عثمان بن عفان كان يأمر بالعدل، وكان على الدين القويم والصراط المستقيم.
(والقول الثالث) أن المقصود منه: كل عبد موصوف بهذه الصفات المذمومة. وكل حر موصوف بتلك الصفات الحميدة، وهذا القول أولى من القول الأول، لان وصفه تعالى إياهما بكونهما رجلين يمنع من حمل ذلك على الوثن، وكذلك بالبكم وبالكل وبالتوجه في جهات المنافع وكذلك وصف الآخر بأنه على صراط مستقيم يمنع من حمله على الله تعالى، وأيضا فالمقصود تشبيه صورة بصورة في أمر من الأمور، وذلك التشبيه لا يتم إلا عند كون إحدى الصورتين مغايرة للأخرى (وأما القول الثاني) فضعيف أيضا، لان المقصود إبانة التفرقة بين رجلين موصوفين بالصفات المذكورة، وذلك غير مختص بشخص معين، بل أيما حصل التفاوت في الصفات المذكورة حصل المقصود. والله أعلم.
قوله تعالى (ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شئ قدير والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع