* (إنما مثل الحيواة الدنيا كمآء أنزلناه من السمآء فاختلط به نبات الارض مما يأكل الناس والانعام حتى إذآ أخذت الارض زخرفها وازينت وظن أهلهآ أنهم قادرون عليهآ أتاهآ أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالامس كذالك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) *.
وعن محمد بن كعب القرظي: ثلاث من كن فيه كن عليه، البغي والنكث والمكر، قال تعالى (إنما بغيكم على أنفسكم) المسألة الثالثة) حاصل الكلام في قوله تعالى (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم) أي لا يتهيأ لكم بغى بعضكم على بعض إلا أياما قليلة، وهي مدة حياتكم مع قصرها وسرعة انقضائها (ثم إلينا) أي ما وعدنا من المجازاة على أعمالكم (مرجعكم فننبئكم بما كنتم تعملون) في الدنيا، والانباء هو الاخبار، وهو في هذا الموضع وعيد بالعذاب كقول الرجل لغيره سأخبرك بما فعلت.
قوله تعالى (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كان لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى لما قال: * (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم متاع الحياة الدنيا) * (يونس: 23) أتبعه بهذا المثل العجيب الذي ضربه لمن يبغي في الأرض ويغتر بالدنيا، ويشتد تمسكه بها، ويقوي إعراضه عن أمر الآخرة والتأهب لها، فقال: * (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض) * وهذا الكلام يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون المعنى فاختلط به نبات الأرض بسبب هذا الماء النازل من السماء، وذلك لأنه إذا نزل المطر ينبت بسببه أنواع كثيرة من النبات، وتكون تلك الأنواع مختلطة، وهذا فيما لم يكن نابتا قبل نزول المطر. والثاني: أن يكون المراد منه الذي نبت، ولكنه لم يترعرع، ولم يهتز. وإنما هو في أول بروزه من الأرض ومبدأ حدوثه، فإذا نزل المطر عليه، واختلط بذلك المطر، أي اتصل كل واحد منهما بالآخر اهتز ذلك النبات وربا وحسن، وكمل واكتسى كمال الرونق والزينة، وهو المراد من قوله تعالى: * (حتى إذا أخذت الأرض