الاختلاف بينهم. ثم بين تعالى أن هذا النوع من الاختلاف لا بد وأن يبقى في دار الدنيا، وأنه تعالى يقضي بينهم يوم القيامة.
وأما القول الثاني: وهو أن المراد ببني إسرائيل في هذه الآية اليهود الذين كانوا في زمان محمد عليه الصلاة والسلام فهذا قال به قوم عظيم من المفسرين. قال ابن عباس: وهم قريظة والنضير وبنو قينقاع أنزلناهم منزل صدق ما بين المدينة والشام ورزقناهم من الطيبات، والمراد ما في تلك البلاد من الرطب والتمر التي ليس مثلها طيبا في البلاد، ثم إنهم بقوا على دينهم، ولم يظهر فيهم الاختلاف حتى جاءهم العلم، والمراد من العلم القرآن النازل على محمد عليه الصلاة والسلام، وإنما سماه علما، لأنه سبب العلم وتسمية السبب باسم المسبب مجاز مشهور. وفي كون القرآن سببا لحدوث الاختلاف وجهان: الأول: أن اليهود كانوا يخبرون بمبعث محمد عليه الصلاة والسلام ويفتخرون به على سائر الناس، فلما بعثه الله تعالى كذبوه حسدا وبغيا وإيثارا لبقاء الرياسة وآمن به طائفة منهم، فبهذا الطريق صار نزول القرآن سببا لحدوث الاختلاف فيهم. الثاني: أن يقال: إن هذه الطائفة من بني إسرائيل كانوا قبل نزول القرآن كفارا محضا بالكلية وبقوا على هذه الحالة حتى جاءهم العلم، فعند ذلك اختلفوا فآمن قوم وبقي أقوام آخرون على كفرهم.
وأما قوله تعالى: * (إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون) * فالمراد منه أن هذا النوع من الاختلاف لا حيلة في إزالته في دار الدنيا، وأنه تعالى في الآخرة يقضي بينهم، فيتميز المحق من المبطل والصديق من الزنديق.
قوله تعالى * (فإن كنت في شك ممآ أنزلنآ إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد