المسألة الخامسة: قرأ ابن عامر * (لقضى) * بفتح اللام والقاف * (أجلهم) * بالنصب، يعني لقضى الله، وينصره قراءة عبد الله * (لقضينا إليهم أجلهم) * وقرأ الباقون بضم القاف وكسر الضاد وفتح الياء * (أجلهم) * بالرفع على ما لم يسم فاعله.
المسألة السادسة: المراد من استعجال هؤلاء المشركين الخير هو أنهم كانوا عند نزول الشدائد يدعون الله تعالى بكشفها، وقد حكى الله تعالى عنهم ذلك في آيات كثيرة كقوله: * (ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون) * (النمل: 53) وقوله: * (وإذا مس الإنسان الضر دعانا) * (يونس: 12).
المسألة السابعة: لسائل أن يسأل فيقول: كيف اتصل قوله: * (فنذر الذين لا يرجون لقاءنا) * (يونس: 11) بما قبله وما معناه؟
وجوابه أن قوله: * (ولو يعجل الله للناس) * متضمن معنى نفي التعجيل، كأنه قيل: ولا يعجل لهم الشر، ولا يقضي إليهم أجلهم فيذرهم في طغيانهم أي فيمهلهم مع طغيانهم إلزاما للحجة.
المسألة الثامنة: قال أصحابنا: إنه تعالى لما حكم عليهم بالطغيان والعمه امتنع أن لا يكونوا كذلك. وإلا لزم أن ينقلب خبر الله الصدق كذبا وعلمه جهله وحكمه باطلا، وكل ذلك محال، ثم إنه مع هذا كلفهم وذلك يكون جاريا مجرى التكليف بالجمع بين الضدين.
قوله تعالى * (وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قآئما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنآ إلى ضر مسه كذالك زين للمسرفين ما كانوا يعملون) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في كيفية النظم وجهان: الأول: أنه تعالى لما بين في الآية الأولى أنه لو أنزل العذاب على العبد في الدنيا لهلك ولقضى عليه، فبين في هذه الآية ما يدل على غاية ضعفه ونهاية عجزه، ليكون ذلك مؤكدا لما ذكره من أنه لو أنزل عليه العذاب لمات. الثاني: أنه تعالى حكى عنهم أنهم يستعجلون في نزول العذاب، ثم بين في هذه الآية أنهم كاذبون في ذلك الطلب والاستعجال، لأنه لو نزل بالإنسان أدنى شيء يكرهه ويؤذيه، فإنه يتضرع إلى الله تعالى في إزالته عنه