لم يوجد الشرط المذكور ثانيا لم يتعلق ذلك الجزاء بذلك الشرط الأول، هذا هو التحقيق في هذا التركيب، فلهذا المعنى قال الفقهاء: إن الشرط المؤخر في اللفظ مقدم في المعنى، والمقدم في اللفظ مؤخر في المعنى.
واعلم أن نوحا عليه السلام لما قرر هذه المعاني قال: * (هو ربكم وإليه ترجعون) * وهذا نهاية الوعيد أي هو إلهكم الذي خلقكم ورباكم ويملك التصرف في ذواتكم وفي صفاتكم قبل الموت وعند الموت وبعد الموت مرجعكم إليه وهذا يفيد نهاية التحذير.
قوله تعالى * (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فعلى إجرامى وأنا برىء مما تجرمون) *.
اعلم أن معنى افتراه اختلقه وافتعله وجاء به من عند نفسه، والهاء ترجع إلى الوحي الذي بلغه إليهم، وقوله: * (فعلي إجرامي) * الإجرام اقتراح المحظورات واكتسابها، وهذا من باب حذف المضاف، لأن المعنى: فعلي عقاب إجرامي، وفي الآية محذوف آخر وهو أن المعنى: إن كنت افتريته فعلي عقاب جرمي، وإن كنت صادقا وكذبتموني فعليكم عقاب ذلك التكذيب، إلا أنه حذف هذه البقية لدلالة الكلام عليه، كقوله: * (أمن هو قانت آناء الليل) * (الزمر: 9) ولم يذكر البقية، وقوله: * (وأنا بريء مما تجرمون) * أي أنا بريء من عقاب جرمكم، وأكثر المفسرين على أن هذا من بقية كلام نوح عليه السلام، وهذه الآية وقعت في قصة محمد صلى الله عليه وسلم في أثناء حكاية نوح، وقولهم بعيد جدا، وأيضا قوله: * (قل إن افتريته فعلي إجرامي) * لا يدل على أنه كان شاكا، إلا أنه قول يقال على وجه الإنكار عند اليأس من القبول.
* (وأوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد ءامن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: قال ابن عباس رضي الله عنهما: لما جاء هذا من عند الله تعالى دعا على