العلاج ممكنا من الضرر الحاصل بسبب حصول هذا العمى وهذا الصمم وجب على العاقل أن يسعى في ذلك العلاج بقدر الإمكان.
واعلم أنه قد جرت العادة بأنه تعالى إذا ورد على الكافر أنواع الدلائل أتبعها بالقصص، ليصير ذكرها مؤكدا لتلك الدلائل على ما قررنا هذا المعنى في مواضع كثيرة، وفي هذه السورة ذكر أنواعا من القصص. القصة الأولى قصة نوح عليه السلام قوله تعالى * (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إنى لكم نذير مبين * أن لا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم أليم) *.
اعلم أنه تعالى قد بدأ بذكر هذه القصة في سورة يونس وقد أعادها في هذه السورة أيضا لما فيها من زوائد الفوائد وبدائع الحكم، وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي * (أني) * بفتح الهمزة، والمعنى: أرسلنا نوحا بأني لكم نذير مبين، ومعناه أرسلناه ملتبسا بهذا الكلام وهو قوله: * (أني لكم نذير مبين) * فلما اتصل به حرف الجر وهو الباء فتح كما فتح في كان، وأما سائر القراء فقرؤا * (إني) * بالكسر على معنى قال * (إني لكم نذير مبين) *.
المسألة الثانية: قال بعضهم: المراد من النذير كونه مهددا للعصاة بالعقاب، ومن المبين كونه مبينا ما أعد الله للمطيعين من الثواب، والأولى أن يكون المعنى أنه نذير للعصاة من العقاب وأنه مبين بمعنى أنه بين ذلك الإنذار على الطريق الأكمل والبيان الأقوى الأظهر، ثم بين تعالى أن ذلك الإنذار إنما حصل في النهي عن عبادة غير الله وفي الأمر بعبادة الله لأن قوله: * (أن لا تعبدوا إلا الله) * استثناء من النفي وهو يوجب نفي غير المستثنى.
واعلم أن تقدير الآية كأنه تعالى قال ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه بهذا الكلام وهو قوله: * (إني لكم نذير مبين) *.