المشار إليه بقوله: * (الحمد لله رب العالمين) * فهذه كلمات خطرت بالبال ودارت في الخيال، فإن حقت فالتوفيق من الله تعالى، وإن لم يكن كذلك فالتكلان على رحمة الله تعالى.
المسألة الثانية: قال الواحدي: * (أن) * في قوله: * (أن الحمد لله) * هي المخففة من الشديدة، فلذلك لم تعمل لخروجها بالتخفيف عن شبه الفعل كقوله: أن هالك كل من يخفى وينتعل على معنى أنه هالك. وقال صاحب " النظم " * (أن) * ههنا زائدة، والتقدير: وآخر دعواهم الحمد لله رب العالمين، وهذا القول ليس بشيء، وقرأ بعضهم * (أن) * الحمد لله بالتشديد، ونصب الحمد.
قوله تعالى * (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضى إليهم أجلهم فنذر الذين لا يرجون لقآءنا فى طغيانهم يعمهون) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: أن الذي يغلب على ظني أن ابتداء هذه السورة في ذكر شبهات المنكرين للنبوة مع الجواب عنها.
فالشبهة الأولى: أن القوم تعجبوا من تخصيص الله تعالى محمدا عليه السلام بالنبوة فأزال الله تعالى ذلك التعجب بقوله: * (أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم) * (يونس: 2) ثم ذكر دلائل التوحيد ودلائل صحة المعاد، وحاصل الجواب أنه يقول: إني ما جئتكم إلا بالتوحيد والإقرار بالمعاد، وقد دللت على صحتها، فلم يبق للتعجب من نبوتي معنى.
والشبهة الثانية: للقوم أنهم كانوا أبدا يقولون: اللهم إن كان ما يقول: محمد حقا في ادعاء الرسالة فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. فأجاب الله تعالى عن هذه الشبهة بما ذكره في هذه الآية. فهذا هو الكلام في كيفية النظم. ومن الناس من ذكر فيه وجوها أخرى: فالأول: قال القاضي: لما بين تعالى فيما تقدم الوعد والوعيد أتبعه بما دل على أن من حقهما أن يتأخرا عن هذه الحياة الدنيوية لأن حصولهما في الدنيا كالمانع من بقاء التكليف. والثاني: ما ذكره القفال: وهو أنه تعالى لما وصف الكفار بأنهم لا يرجون لقاء الله ورضوا بالحياة الدنيا