إشارة إلى الوحي الذي حصل لموسى عليه السلام، وعند اجتماع هذه الثلاثة قد بلغ هذا اليقين في القوة والظهور والجلاء إلى حيث لا يمكن الزيادة عليه.
ثم قال تعالى: * (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) * والمراد من الأحزاب أصناف الكفار، فيدخل فيهم اليهود والنصارى والمجوس. روى سعيد بن جبير عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يسمع بي يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا كان من أهل النار " قال أبو موسى: فقلت في نفسي إن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول مثل هذا إلا عن القرآن، فوجدت الله تعالى يقول: * (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) * وقال بعضهم: لما دلت الآية على أن من يكفر به فالنار موعده، دلت على أن من لا يكفر به لم تكن النار موعده.
ثم قال تعالى: * (فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك) * ففيه قولان: الأول: فلا تك في مرية من صحة هذا الدين، ومن كون القرآن نازلا من عند الله تعالى، فكان متعلقا بما تقدم من قوله تعالى: * (أم يقولون افتراه) * (السجدة: 3) الثاني: فلا تك في مرية من أن موعد الكافر النار. وقرئ * (مرية) * بضم الميم.
ثم قال: * (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) * والتقدير: لما ظهر الحق ظهورا في الغاية، فكن أنت متابعا له ولا تبال بالجهال سواء آمنوا أو لم يؤمنوا، والأقرب أن يكون المراد لا يؤمنون بما تقدم ذكره من وصف القرآن.
قوله تعالى * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالاخرة هم كافرون) *.
اعلم أن الكفار كانت لهم عادات كثيرة وطرق مختلفة، فمنها شدة حرصهم على الدنيا ورغبتهم في تحصيلها، وقد أبطل الله هذه الطريقة بقوله: * (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها) * (هود: 15) إلى آخر الآية،