فقالوا: هذا الاستثناء يدل على أن العبد لا يملك مصالح، ثم إذا حضر الوقت الذي وقته الله تعالى لحدوث ذلك الحادث فإنه لا بد وأن يحدث فيه، ويمتنع عليه التقدم والتأخر.
المسألة الثانية: المعتزلة احتجوا بقوله: * (قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله) * فقالوا: هذا الاستثناء يدل على أن العبد لا يملك وقوله: * (إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * يدل على أن أحدا لا يموت إلا بانقضاء أجله، وكذلك المقتول لا يقتل إلا على هذا الوجه، وهذه مسألة طويلة وقد ذكرناها في هذا الكتاب في مواضع كثيرة.
المسألة الخامسة: أنه تعالى قال ههنا: * (إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * فقوله: * (إذا جاء أجلهم) * شرط وقوله: * (فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * جزاء والفاء حرف الجزاء، فوجب إدخاله على الجزاء كما في هذه الآية، وهذه الآية تدل على أن الجزاء يحصل مع حصول الشرط لا متأخرا عنه وأن حرف الفاء لا يدل على التراخي وإنما يدل على كونه جزاء.
إذا ثبت هذا فنقول: إذا قال الرجل لامرأة أجنبية إن نكحتك فأنت طالق قال الشافعي رضي الله عنه: لا يصح هذا التعليق، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يصح، والدليل على أنه لا يصح أن هذه الآية دلت على أن الجزاء إنما يحصل حال حصول الشرط، فلو صح هذا التعليق لوجب أن يحصل الطلاق مقارنا للنكاح، لما ثبت أن الجزاء يجب حصوله مع حصول الشرط، وذلك يوجب الجمع بين الضدين، ولما كان هذا اللازم باطلا وجب أن لا يصح هذا التعليق.
قوله تعالى * (قل أرءيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون * أثم إذا ما وقع ءامنتم به ءآلن وقد كنتم به تستعجلون * ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون) *.