قوله تعالى * (قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه ءاباءنا وتكون لكما الكبريآء فى الارض وما نحن لكما بمؤمنين * وقال فرعون ائتونى بكل ساحر عليم * فلما جآء السحرة قال لهم موسى ألقوا مآ أنتم ملقون * فلمآ ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين * ويحق الله الحق بكلماته ولو كره المجرمون) *.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه تعالى حكى عن فرعون وقومه أنهم لم يقبلوا دعوة موسى عليه السلام، وعللوا عدم القبول بأمرين: الأول: قوله: * (أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آبائنا) * قال الواحدي: اللفت في أصل اللغة الصرف عن أمر، وأصله اللي يقال: لفت عنقه إذا لواها، ومن هذا يقال: التفت إليه، أي أمال وجهه إليه. قال الأزهري: لفت الشيء وفتله إذا لواه، وهذا من المقلوب.
واعلم أن حاصل هذا الكلام أنهم قالوا: لا نترك الدين الذي نحن عليه، لأنا وجدنا آبائنا عليه، فقد تمسكوا بالتقليد ودفعوا الحجة الظاهرة بمجرد الإصرار.
والسبب الثاني: في عدم القبول قوله: * (وتكون لكما الكبرياء في الأرض) * قال المفسرون: المعنى ويكون لكما الملك والعز في أرض مصر، والخطاب لموسى وهارون. قال الزجاج: سمى الملك كبرياء، لأنه أكبر ما يطلب من أمر الدنيا، وأيضا فالنبي إذا اعترف القوم بصدقه صارت مقاليد أمر أمته إليه، فصار أكبر القوم.
واعلم أن السبب الأول: إشارة إلى التمسك بالتقليد، والسبب الثاني: إشارة إلى الحرص على طلب