هو معرفة الله تعالى، فكل قلب حصل فيه معرفة الله تعالى لم يحصل فيه الظلمة أصلا، وكان الشبلي رحمة الله تعالى عليه يتمثل بهذا ويقول:
كل بيت أنت ساكنه * غير محتاج إلى السرج وجهك المأمول حجتنا * يوم يأتي الناس بالحجج وقال القاضي: إن قوله: * (والذين كسبوا السيئات) * عام يتناول الكافر والفاسق. إلا أنا نقول: الصيغة وإن كانت عامة إلا أن الدلائل التي ذكرناها تخصصه:
المسألة الرابعة: قال الفراء: في قوله: * (جزاء سيئة بمثلها) * وجهان: الأول: أن يكون التقدير: فلهم جزاء السيئة بمثلها، كما قال: * (ففدية من صيام) * (البقرة: 196) أي فعليه. والثاني: أن يعلق الجزاء بالباء في قوله: * (بمثلها) * قال ابن الأنباري: وعلى هذا التقدير الثاني فلا بد من عائد الموصول. والتقدير: فجزاء سيئة منهم بمثلها.
أما قوله: * (وترهقهم ذلة) * فهو معطوف على يجازي، لأن قوله: * (جزاء سيئة بمثلها) * تقديره: يجازي سيئة بمثلها، وقرئ * (يرهقهم ذلة) * بالياء.
أما قوله تعالى: * (كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما) * ففيه مسائل:
المسألة الأولى: * (أغشيت) * أي ألبست * (وجوههم قطعا) * قرأ ابن كثير والكسائي * (قطعا) * بسكون الطاء، وقرأ الباقون بفتح الطاء، والقطع بسكون القطعة. وهي البعض، ومنه قوله تعالى * (فأسر بأهلك بقطع من الليل) * (هود: 81) أي قطعة. وأما قطع بفتح الطاء، فهو جمع قطعة، ومعنى الآية: وصف وجوههم بالسواد، حتى كأنها ألبست سوادا من الليل، كقوله تعالى: * (ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة) * (الزمر: 60) وكقوله: * (فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم) * (آل عمران: 106) وكقوله: * (يعرف المجرمون بسيماهم) * (الرحمن: 41) وتلك العلامة هي سواد الوجه وزرقة العين.
المسألة الثانية: قوله: * (مظلما) * قال الفراء والزجاج: هو نعت لقوله: * (قطعا) * وقال أبو علي الفارسي: ويجوز أن يجعل حالا كأنه قيل: أغشيت وجوههم قطعا من الليل في حال ظلمته.
قوله تعالى * (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركآؤكم فزيلنا بينهم وقال