وقوله: * (وما كانوا ليؤمنوا) * يجوز أن يكون عطفا على ظلموا، وأن يكون اعتراضا، واللام لتأكيد النفي، وأن الله قد علم منهم أنهم يصرون على الكفر وهذا يدل على أنه تعالى إنما أهلكهم لأجل تكذيبهم الرسل، فكذلك يجزى كل مجرم، وهو وعيد لأهل مكة على تكذيبهم رسول الله، وقرئ * (يجزي) * بالياء وقوله: * (ثم جعلناكم خلائف) * الخطاب للذين بعث إليهم محمد عليه الصلاة والسلام، أي استخلفناكم في الأرض بعد القرون التي أهلكناهم، لننظر كيف تعملون، خيرا أو شرا، فنعاملكم على حسب عملكم. بقي في الآية سؤالان:
السؤال الأول: كيف جاز النظر إلى الله تعالى وفيه معنى المقابلة؟
والجواب: أنه استعير لفظ النظر للعلم الحقيقي الذي لا يتطرق الشك إليه، وشبه هذا العلم بنظر الناظر وعيان المعاين.
السؤال الثاني: قوله: * (ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون) * مشعر بأن الله تعالى ما كان عالما بأحوالهم قبل وجودهم.
والجواب: المراد منه أنه تعالى يعامل العباد معاملة من يطلب العلم بما يكون منهم، ليجازيهم بحسبه كقوله: * (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) * (هود: 7) وقد مر نظائر هذا. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الدنيا خضرة حلوة وأن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون " وقال قتادة: صدق الله ربنا ما جعلنا خلفاء إلا لينظر إلى أعمالنا، فأروا الله من أعمالكم خيرا، بالليل والنهار.
المسألة الثالثة: قال الزجاج: موضع * (كيف) * نصب بقوله: * (تعملون) * لأنها حرف، لاستفهام والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، ولو قلت: لننظر خيرا تعملون أم شرا، كان العالم في خير وشر تعملون.
قوله تعالى * (وإذا تتلى عليهم ءاياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقآءنا ائت بقرءان غير هذآ أو بدله قل ما يكون لى أن أبدله من تلقآء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم) *.
فيه مسائل: