لا يفيد إلا الظن. فلما كانت هذه العمومات دالة على المنع من التمسك بالظن، لزم كونها دالة على المنع من التمسك بها، وما أفضى ثبوته إلى نفيه كان متروكا. المسألة الثانية: دلت هذه الآية على أن كل من كان ظانا في مسائل الأصول، وما كان قاطعا، فإنه لا يكون مؤمنا.
فإن قيل: فقول أهل السنة أنا مؤمن إن شاء الله يمنع من القطع فوجب أن يلزمهم الكفر.
قلنا: هذا ضعيف من وجوه: الأول: مذهب الشافعي رحمه الله: أن الإيمان عبارة عن مجموع الاعتقاد والإقرار والعمل، والشك أصل في أن هذه الأعمال هل هي موافقة لأمر الله تعالى؟ والشك في أحد أجزاء الماهية لا يوجب الشك في تمام الماهية. الثاني: أن الغرض من قوله إن شاء الله بقاء الإيمان عند الخاتمة. الثالث:
الغرض منه هضم النفس وكسرها. والله أعلم.
قوله تعالى * (وما كان هذا القرءان أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذى بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين * أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين * بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين) *.
فيه مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنا حين شرعنا في تفسير قوله تعالى: * (ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه) * (يونس: 20) ذكرنا أن القوم إنما ذكروا ذلك لاعتقادهم أن القرآن ليس بمعجز، وأن محمدا إنما يأتي به من