والجواب: أن الكلام إذا كان ظاهرا جليا ثم ذكر على سبيل الاستفهام وتفويض الجواب إلى المسؤول، كان ذلك أبلغ وأوقع في القلب.
السؤال الثاني: القوم كانوا منكرين الإعادة والحشر والنشر فكيف احتج عليهم بذلك؟
والجواب: أنه تعالى قدم في هذه السورة ذكر ما يدل عليه، وهو وجوب التمييز بين المحسن وبين المسئ وهذه الدلالة ظاهرة قوية لا يتمكن العاقل من دفعها، فلأجل كمال قوتها وظهورها تمسك به سواء ساعد الخصم عليه أو لم يساعد.
السؤال الثالث: لم أمر رسوله بأن يعترف بذلك، والإلزام إنما يحصل لو اعترف الخصم به؟
والجواب: أن الدليل لما كان ظاهرا جليا، فإذا أورد على الخصم في معرض الاستفهام، ثم إنه بنفسه يقول الأمر كذلك، كان هذا تنبيها على أن هذا الكلام بلغ في الوضوح إلى حيث لا حاجة فيه إلى إقرار الخصم به، وأنه سواء أقر أو أنكر، فالأمر متقرر ظاهر.
أما قوله: * (فأنى تؤفكون) * فالمراد التعجب منهم في الذهاب عن هذا الأمر الواضح الذي دعاهم الهوى والتقليد أو الشبهة الضعيفة إلى مخالفته، لأن الإخبار عن كون الأوثان آلهة كذب وإفك، والاشتغال بعبادتها مع أنها لا تستحق هذه العبادة يشبه الإفك.
قوله تعالى * (قل هل من شركآئكم من يهدى إلى الحق قل الله يهدى للحق أفمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدى إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون * وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغنى من الحق شيئا إن الله عليم بما يفعلون) *.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن هذا هو الحجة الثالثة، واعلم أن الاستدلال على وجود الصانع بالخلق أولا، ثم بالهداية ثانيا، عادة مطردة في القرآن، فحكى تعالى عن الخليل عليه السلام أنه ذكر ذلك