بالريح الطيبة. وثالثها: فرحهم بها. وأما القيود المعتبرة في الجزاء فثلاثة أيضا: أولها: قوله (جاءتها ريح عاصف) وفيه سؤالان:
(السؤال الأول) الضمير في قوله (جاءتها) عائد إلى الفلك وهو ضمير الواحد، والضمير في قوله (وجرين بهم) عائد إلي الفلك وهو الضمير الجمع، فما السبب فيه؟
الجواب عنه من وجهين: الأول: أنا لا نسلم أن الضمير في قوله (جاءتها) عائد إلى الفلك، بل نقول إنه عائد إلى الريح الطيبة المذكورة في قوله (وجرين بهم بريح طيبة) الثاني: لو سلمنا ما ذكرتهم إلا أن لفظ (الفلك) يصلح للواحد والجمع، فحسن الضميران.
(السؤال الثاني) ما العاطف. الجواب: قال القراء والزجاج: يقال ريح عاصف وعاصفة، وقد عصفت عصوفا وأعصفت، فهي معصف ومعصفة. قال الفراء: والألف لغة بني أسد، ومعنى عصفت الريح اشتدت، وأصل العصف السرعة، يقال: ناقة عاصف وعصوف سريعة، وإنما قيل (ريح عاصف) لأنه يراد ذات عصوف كما قيل: لابن وتام أو لأجل أن لفظ الريح مذكر.
(أما القيد الثاني (فهو قوله (وجاءهم الموج من كل مكان) والموج ما ارتفع من الماء فوق البحر.
(أما القيد الثالث) فهو قوله (وظنوا أنهم أحيط بهم) والمراد أنهم ظنوا القرب من الهلاك، وأصله أن العدو إذا أحاط بقوم أو بلد، فقد دنوا من الهلاك.
(السؤال الخامس) ما المراد من الاخلاص في قوله (دعوا الله مخلصين له الدين) والجواب: قال ابن عباس: يريد تركوا الشرك، ولم يشركوا به من آلهتهم شيئا، وأقروا لله بالربوبية والوحدانية. قال الحسن (دعوا الله مخلصين) الاخلاص الايمان، لكن لأجل العلم بأنه لا ينجيهم من ذلك إلا الله تعالى، فيكون جاريا مجرى الايمان الاضطراري. وقال ابن زيد: هؤلاء المشركون يدعون مع الله ما يدعون، فإذا جاء الضر والبلاء لم يدعوا إلا الله. وعن أبي عبيدة أن المراد من ذلك الدعاء قولهم أهيا شراهيا تفسيره يا حي يا قيوم.
(السؤال السادس) ما الشئ المشار إليه بقوله هذه في قوله (لئن أنجيتنا من هذه) والجواب المراد لئن أنجيتنا من هذه الريح العاصفة، وقيل المراد لئن أنجيتنا من هذه الأمواج أو من هذه الشدائد، وهذه الألفاظ وإن لم يسبق ذكرها، إلا أنه سبق ذكر ما يدل عليها.
(السؤال السابع) هل يحتاج في هذه الآية إلى إضمار؟
الجواب: نعم، والتقدير: دعوا الله مخلصين له الدين مريدين أن يقولوا لئن أنجيتنا، ويمكن