يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير * إلى الله مرجعكم وهو على كل شىء قدير) *.
اعلم أن في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أن في قوله: * (ألا تعبدوا إلا الله) * وجوها: الأول: أن يكون مفعولا له والتقدير: كتاب أحكمت آياته ثم فصلت لأجل ألا تعبدوا إلا الله وأقول هذا التأويل يدل على أنه لا مقصود من هذا الكتاب الشريف إلا هذا الحرف الواحد، فكل من صرف عمره إلى سائر المطالب، فقد خاب وخسر. الثاني: أن تكون * (أن) * مفسرة لأن في تفصيل الآيات معنى القول والحمل على هذا أولى، لأن قوله: * (وأن استغفروا) * معطوف على قوله: * (ألا تعبدوا) * فيجب أن يكون معناه: أي لا تعبدوا ليكون الأمر معطوفا على النهي، فإن كونه بمعنى لئلا تعبدوا يمنع عطف الأمر عليه. والثالث: أن يكون التقدير: الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ليأمر الناس أن لا يعبدوا إلا الله ويقول لهم، إنني لكم منه نذير وبشير والله أعلم.
المسألة الثانية: اعلم أن هذه الآية مشتملة على التكليف من وجوه: الأول: أنه تعالى أمر بأن لا يعبدوا إلا الله، وإذا قلنا: الاستثناء من النفي إثبات، كان معنى هذا الكلام النهي عن عبادة غير الله تعالى، والأمر بعبادة الله تعالى، وذلك هو الحق، لأنا بينا أن ما سوى الله فهو محدث مخلوق مربوب، وإنما حصل بتكوين الله وإيجاده، والعبادة عبارة عن إظهار الخضوع والخشوع ونهاية التواضع والتذلل وهذا لا يليق إلا بالخالق المدبر الرحيم المحسن، فثبت أن عبادة غير الله منكرة، والإعراض عن عبادة الله منكر.
واعلم أن عبادة الله مشروطة بتحصيل معرفة الله تعالى قبل العبادة، لأن من لا يعرف معبوده لا ينتفع بعبادته فكان الأمر بعبادة الله أمرا بتحصيل المعرفة أولا. ونظيره قوله تعالى في أول سورة البقرة: * (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) * (البقرة: 21) ثم أتبعه بالدلائل الدالة على وجود الصانع وهو قوله: * (الذي