نوح في قومه ألف سنة إلا قليلا فلا تستعجلا، قال ابن جريج: إن فرعون لبث بعد هذا الدعاء أربعين سنة.
وأما قوله: * (ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) * ففيه بحثان:
البحث الأول: المعنى: لا تتبعان سبيل الجاهلين الذين يظنون أنه متى كان الدعاء مجابا كان المقصود حاصلا في الحال، فربما أجاب الله تعالى دعاء إنسان في مطلوبه، إلا أنه إنما يوصله إليه في وقته المقدر، والاستعجال لا يصدر إلا من الجهال، وهذا كما قال لنوح عليه السلام: * (إني أعظك أن تكون من الجاهلين) * (هود: 46).
واعلم أن هذا النهي لا يدل على أن ذلك قد صدر من موسى عليه السلام كما أن قوله: * (لئن أشركت ليحبطن عملك) * (الزمر: 65) لا يدل على صدور الشرك منه.
البحث الثاني: قال الزجاج: قوله: * (ولا تتبعان) * موضعه جزم، والتقدير: ولا تتبعا، إلا أن النون الشديدة دخلت على النهي مؤكدة وكسرت لسكونها، وسكون النون التي قبلها فاختير لها الكسرة، لأنها بعد الألف تشبه نون التثنية، وقرأ ابن عامر * (ولا تتبعان) * بتخفيف النون.
قوله تعالى * (وجاوزنا ببنى إسراءيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذآ أدركه الغرق قال ءامنت أنه لا إله إلا الذى ءامنت به بنوا إسراءيل وأنا من المسلمين * ءالآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين * فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك ءاية وإن كثيرا من الناس عن ءاياتنا لغافلون) *.