والأرض) * ولم يذكر التفصيل، فكأنه تعالى نبه على القاعدة الكلية، حتى أن العاقل يتنبه لأقسامها وحينئذ يشرع في تفصيل حكمة كل واحد منها بقدر القوة العقلية والبشرية، ثم إنه تعالى لما أمر بهذا التفكر والتأمل بين بعد ذلك أن هذا التفكر والتدبر في هذه الآيات لا ينفع في حق من حكم الله تعالى عليه في الأزل بالشقاء والضلال، فقال: * (وما تغنى الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قال النحويون: * (ما) * في هذا الموضع تحتمل وجهين: الأول: أن تكون نفيا بمعنى أن هذه الآيات والنذر لا تفيد الفائدة في حق من حكم الله عليه بأنه لا يؤمن، كقولك: ما يغني عنك المال إذا لم تنفق. والثاني: أن تكون استفهاما كقولك: أي شيء يغني عنهم، وهو استفهام بمعنى الإنكار.
المسألة الثانية: الآيات هي الدلائل، والنذر الرسل المنذرون أو الإنذارات.
المسألة الثالثة: قرىء * (وما يغني) * بالياء من تحت.
قوله تعالى * (فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إنى معكم من المنتظرين * ثم ننجى رسلنا والذين ءامنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين) *.
واعلم أن المعنى هل ينتظرون إلا أياما مثل أيام الأمم الماضية، والمراد أن الأنبياء المتقدمين عليهم السلام كانوا يتوعدون كفار زمانهم بمجيء أيام مشتملة على أنواع العذاب، وهم كانوا يكذبون بها ويستعجلونها على سبيل السخرية، وكذلك الكفار الذين كانوا في زمان الرسول عليه الصلاة والسلام هكذا كانوا يفعلون. ثم إنه تعالى أمره بأن يقول لهم: * (فانتظروا إني معكم من المنتظرين) * ثم إنه تعالى قال: * (ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ الكسائي في رواية نصير * (ننجي) * خفيفة، وقرأ الباقون: مشددة وهما لغتان وكذلك في قوله: * (ننجي المؤمنين) *.