يدل على أن الزيادة هي الرؤية من غير حاجة تنافي تقرير ذلك الخبر، والله أعلم.
واعلم أنه تعالى لما شرح ما يحصل لأهل الجنة من السعادات، شرح بعد ذلك الآفات التي صانهم الله بفضله عنها، فقال: * (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) * والمعنى: لا يغشاها قتر، وهي غبرة فيها سواد * (ولا ذلة) * ولا أثر هوان ولا كسوف.
فالصفة الأولى: هي قوله تعالى: * (وجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة) * (عبس: 40).
والصفة الثانية: هي قوله تعالى: * (وجوه يومئذ خاشعة * عاملة ناصبة) * (الغاشية: 2، 3) والغرض من نفي هاتين الصفتين، نفي أسباب الخوف والحزن والذل عنهم، ليعلم أن نعيمهم الذي ذكره الله تعالى خالص غير مشوب بالمكروهات، وإنه لا يجوز عليهم ما إذا حصل غير صفحة الوجه، ويزيل ما فيها من النضارة والطلاقة، ثم بين أنهم خالدون في الجنة لا يخافون الانقطاع.
واعلم أن علماء الأصول قالوا: الثواب منفعة خالصة دائمة مقرونة بالتعظيم، فقوله: * (والله يدعوا إلى دار السلام) * (يونس: 25) يدل على غاية التعظيم. وقوله: * (للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) * يدل على حصول المنفعة وقوله: * (ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة) * يدل على كونها خالصة وقوله: * (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون) * إشارة إلى كونها دائمة آمنة من الانقطاع والله أعلم.
قوله تعالى * (والذين كسبوا السيئات جزآء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من اليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) *.
في الآية مسائل:
المسألة الأولى: اعلم أنه كما شرح حال المسلمين في الآية المتقدمة، شرح حال من أقدم على السيئات في هذه الآية، وذكر تعالى من أحوالهم أمورا أربعة أولها: قوله: * (جزاء سيئة بمثلها) * والمقصود من هذا القيد التنبيه على الفرق بين الحسنات وبين السيئات، لأنه تعالى ذكر في أعمال البر أنه يوصل إلى المشتغلين بها الثواب مع الزيادة وأما في عمل السيئات، فإنه تعالى ذكر أنه لا يجازي