المسألة الرابعة: قال الواحدي: روي عن ابن كثير من طريق قنبل * (ضئاء) * بهمزتين وأكثر الناس على تغليطه فيه، لأن ياء ضياء منقلبة من واو مثل ياء قيام وصيام، فلا وجه للهمزة فيها. ثم قال: وعلى البعد يجوز أن يقال قدم اللام التي هي الهمزة إلى موضع العين، وأخر العين التي هي واو، إلى موضع اللام، فلما وقعت طرفا بعد ألف زائدة انقلبت همزة، كما انقلبت في سقاء وبابه. والله أعلم.
المسألة الخامسة: اعلم أن النور كيفية قابلة للأشد والأضعف، فإن نور الصباح أضعف من النور الحاصل في أفنية الجدران عند طلوع الشمس، وهو أضعف من النور الساطع من الشمس على الجدران، وهو أضعف من الضوء القائم بجرم الشمس، فكما هذه الكيفية المسماة بالضوء على ما يحس به في جرم الشمس، وهو في الإمكان وجود مرتبة في الضوء أقوى من الكيفية القائمة بالشمس، فهو من مواقف العقول. واختلف الناس في أن الشعاع الفائض من الشمس هل هو جسم أو عرض؟ والحق أنه عرض، وهو كيفية مخصوصة، وإذا ثبت أنه عرض فهل حدوثه في هذا العالم بتأثير قرص الشمس أو لأجل أن الله تعالى أجرى عادته بخلق هذه الكيفية في الأجرام المقابلة لقرص الشمس على سبيل العادة، فهي مباحث عميقة، وإنما يليق الاستقصاء فيها بعلوم المعقولات.
وإذا عرفت هذا فنقول: النور اسم لأصل هذه الكيفية، وأما الضوء، فهو اسم لهذه الكيفية إذا كانت كاملة تامة قوية، والدليل عليه أنه تعالى سمى الكيفية القائمة بالشمس * (ضياء) * والكيفية القائمة بالقمر * (نورا) * ولا شك أن الكيفية القائمة بالشمس أقوى وأكمل من الكيفية القائمة بالقمر، وقال في موضع آخر: * (وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا) * وقال في آية أخرى: * (وجعل الشمس سراجا) * وفي آية أخرى * (وجعلنا سراجا وهاجا) *.
المسألة السادسة: قوله: * (وقدره منازل) * نظيره. قوله تعالى في سورة يس: * (والقمر قدرناه منازل) * (يس: 39) وفيه وجهان: أحدهما: أن يكون المعنى وقدر مسيره منازل. والثاني: أن يكون المعنى وقدره ذا منازل.
المسألة السابعة: الضمير في قوله: * (وقدره) * فيه وجهان: الأول: أنه لهما، وإنما وحد الضمير للإيجاز، وإلا فهو في معنى التثنية اكتفاء بالمعلوم، لأن عدد السنين والحساب إنما يعرف بسير الشمس والقمر، ونظيره قوله تعالى: * (والله ورسوله أحق أن يرضوه) * (التوبة: 62) والثاني: أن يكون هذا الضمير راجعا إلى القمر وحده، لأن بسير القمر تعرف الشهور، وذلك لأن الشهور المعتبرة في