ماله ولكن كفوا واقبلوا منه ما أظهره. والثاني: أن يكون المعنى: لا تقولوا لمن اعتزلكم ولم يقتلكم لست مؤمنا، وأصل هذا من السلامة لأن المعتزل طالب للسلامة.
قال صاحب الكشاف: قرىء * (مؤمنا) * بفتح الميم من آمنه أي لا نؤمنك.
المسألة الثالثة: في سبب نزول هذه الآية روايات:
الرواية الأولى: أن مرداس بن نهيك رجل من أهل فدك أسلم ولم يسلم من قومه غيره، فذهبت سرية الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قومه وأميرهم غالب بن فضالة، فهرب القوم وبقي مرداس لثقته بإسلامه، فلما رأى الخيل ألجأ غنمه إلى عاقول من الجبل، فلما تلاحقوا وكبروا كبر ونزل، وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم، فقتله أسامة بن زيد وساق غنمه، فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد وجدا شديدا وقال: قتلتموه إرادة ما معه، ثم قرأ الآية على أسامة يا رسول الله استغفر لي، فقال: فكيف وقد تلا لا إله إلا الله! قال أسامة فما زال يعيدها حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلا يومئذ، ثم استغفر لي وقال: أعتنق رقبة.
الرواية الثانية: أن القاتل ملحم بن جثامة لقيه عامر بن الأضبط فحياه بتحية الإسلام، وكانت بين ملحم وبينه إحنة في الجاهلية فرماه بسهم فقتله، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " لا غفر الله لك " فما مضت به سبعة أيام حتى مات فدفنوه فلفظته الأرض ثلاث مرات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الأرض لتقبل من هو شر منه ولكن الله أراد أن يريكم عظم الذنب عنده " ثم أمر أن تلقى عليه الحجارة.
الرواية الثالثة: أن المقداد بن الأسود قد وقعت له مثل واقعة أسامة قال: فقلت يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف ثم لاذ بشجرة، فقال أسلمت لله تعالى أفأقتله يا رسول الله بعد ذلك؟ فقال رسول الله لا تقتله، فقلت يا رسول الله إنه قطع يدي، فقال عليه الصلاة والسلام " لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك بعد ما تقتله وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال " وعن أبي عبيدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أشرع أحدكم الرمح إلى الرجل فإن كان سنانه عند نقرة نحره فقال لا إله إلا الله فليرفع عنه الرمح " قال القفال رحمه الله: ولا منافاة بين هذه الروايات فلعلها نزلت عند وقوعها بأسرها، فكان كل فريق يظن أنها نزلت في واقعته والله أعلم.
المسألة الرابعة: اختلفوا في أن توبة الزنديق هل تقبل أم لا؟ فالفقهاء قبلوها واحتجوا عليه بوجوه: الأول: هذه الآية فإنه تعالى لم يفرق في هذه الآية بين الزنديق وبين غيره بل أوجب