مذاهب الناس فيها.
ثم قال: * (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك) * وقد بينا أن هذه الآية دالة على صحة قول الشافعي.
ثم قال: * (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) * والمعنى أنه تعالى جعل الحذر وهو التحذر والتيقظ آلة يستعملها الغازي، فلذلك جمع بينه وبين الأسلحة في الأخذ وجعلا مأخوذين.
قال الواحدي رحمه الله: وفيه رخصة للخائف في الصلاة بأن يجعل بعض فكره في غير الصلاة. فإن قيل: لم ذكر في الآية الأولى * (أسلحتهم) * فقط، وذكر في هذه الآية حذرهم وأسلحتهم. قلنا: لأن في أول الصلاة قلما يتنبه العدو لكون المسلمين في الصلاة، بل يظنون كونهم قائمين لأجل المحاربة أما في الركعة الثانية فقد ظهر للكفار كونهم في الصلاة، فههنا ينتهزون الفرصة في الهجوم عليهم، فلا جرم خص الله تعالى هذا الموضع بزيادة تحذير فقال: * (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) *.
ثم قال تعالى: * (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتهم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة) * أي بالقتال. عن أبي عباس وجابر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الظهر، ورأى المشركون ذلك، فقالوا بعد ذلك: بئسما صنعنا حيث لم نقدم عليهم، وعزموا على ذلك عند الصلاة الأخرى، فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على أسرارهم بهذه الآية: ثم قال تعالى: * (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم) * والمعنى أنه إن تعذر حمل السلاح إما لأنه يصيبه بلل المطر فيسود وتفسد حدته، أو لأن من الأسلحة ما يكون مبطنا فيثقل على لابسه إذا ابتل بالماء، أو لأجل أن الرجل كان مريضا فيشق عليه حمل السلام، فههنا له أن يضع حمل السلاح.
ثم قال: * (وخذوا حذركم) * والمعنى أنه لما رخص لهم في وضع السلاح حال المطر وحال المرض أمرهم مرة أخرى بالتيقظ والتحفظ والمبالغة في الحذر، لئلا يجترئ العدو عليهم احتيالا في الميل عليهم واستغناما منهم لوضع المسلمين أسلحتهم، وفيه مسائل:
المسألة الأولى: أن قوله في أول الآية * (وليأخذوا أسلحتهم) * أمر، وظاهر الأمر للوجوب، فيقتضي أن يكون أخذ السلاح واجبا ثم تأكد هذا بدليل آخر، وهو أنه قال: * (ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو وراء هاتين الحالتين يكون الإثم والجناح حاصلا بسبب وضع السلاح. ومنهم من قال: إنه سنة مؤكدة، والأصح ما بيناه