المسألة الرابعة عشرة: قال الشافعي رحمه الله: لا يجمع بالتيمم بين فرضين وإن لم يحدث كما في الوضوء. وقال أحمد: يجمع بين الفوائت ولا يجمع بين صلاتي وقتين. حجة الشافعي: قوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) * إلى قوله * (وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تحدوا ماء فتيمموا) *. وجه الاستدلال به أن ظاهره يقتضي الأمر بكل وضوء عند كل صلاة إن وجد الماء، وبالتيمم إن فقد الماء، ترك العمل به في الوضوء لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيبقى في التيمم على مقتضى ظاهر الآية.
المسألة الخامسة عشرة: قال الشافعي رحمه الله: إذا لم يجد الماء في أول الوقت ويتوقع وجدانه في آخر الوقت جاز له التيمم في أول الوقت. وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: بل يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت. حجة الشافعي: قوله * (إذا قمتم إلى الصلاة) * إلى قوله * (فلم تجدوا ماء) * وقوله * (إذا قمتم إلى الصلاة) * ليس المراد منه القيام إلى الصلاة، بل المراد دخول وقت الصلاة. وهذا يدل على أن عند دخول الوقت إذا لم يجد الماء جاز له التيمم. المسألة السادسة عشرة: إذا وجد الماء بعد التيمم وقبل الشروع في الصلاة بطل تيممه. وقال أبو موسى الأشعري والشعبي: لا يبطل. لنا قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة) * إلى قوله * (فلم تجدوا ماء فتيمموا) * شرط عدم وجدان الماء بجواز الشروع في الصلاة بالتيمم، ومن وجد الماء بعد التيمم وقبل الشروع في الصلاة فقد فاته هذا الشرط فوجب أن لا يجوز له الشروع في الصلاة بذلك التيمم. المسألة السابعة عشرة: لو فرغ من الصلاة ثم وجد الماء لا يلزمه إعادة الصلاة. قال طاوس: يلزمه. لنا قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة) * إلى قوله * (فلم تجدوا ماء فتيمموا) * جوز له الشروع في الصلاة بالتيمم عند عدم وجدان الماء، وقد حصل ذلك، فوجب أن يكون سببا لخروجه عن عهدة التكليف، لأن الإتيان بالمأمور به سبب للأجزاء. المسألة الثامنة عشرة: لو وجد الماء في أثناء الصلاة لا يلزمه الخروج منها، وبه قال مالك وأحمد خلافا لأبي حنيفة والثوري، وهو اختيار المزني وابن شريح. لنا أن عدم وجدان الماء يقتضي جواز الشروع في الصلاة بحكم التيمم على ما دلت الآية عليه، فقد انعقدت عليه صلاته صحيحة، فإذا وجد الماء في أثناء الصلاة فنقول: ما لم يبطل صلاته