قوله تعالى: * (وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات من تحتها الأنهار) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: في الآية حذف، والتقدير: وقال الله لهم إني معكم، إلا أنه حذف ذلك لاتصال الكلام بذكرهم. المسألة الثانية: قوله * (إني معكم) * خطاب لمن؟ فيه قولان: الأول: أنه خطاب للنقباء، أي وقال الله للنقباء إني معكم. والثاني: أنه خطاب لكل بني إسرائيل، وكلاهما محتمل إلا أن الأول أولى. لأن الضمير يكون عائدا إلى أقرب المذكورات، وأقرب المذكور هنا النقباء والله أعلم.
المسألة الثالثة: أن الكلام قد تم عند قوله * (وقال الله إني معكم) * والمعنى إني معكم بالعلم والقدرة فأسمع كلامكم وأرى أفعالكم وأعلم ضمائركم وأقدر على إيصال الجزاء إليكم، فقوله * (إني معكم) * مقدمة معتبرة جدا في الترغيب والترهيب، ثم لما وضع الله تعالى هذه المقدمة الكلية ذكر بعدها جملة شرطية، والشرط فيها مركب من أمور خمسة، وهي قوله * (لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعززتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا) * والجزاء هو قوله * (لأكفرن عنكم سيئاتكم) * وذلك إشارة إلى إزالة العقاب. وقوله * (ولأدخلناكم جنات تجري من تحتها الأنهار) * وهو إشارة إلى إيصال الثواب، وفي الآية سؤالات: السؤال الأول: لم أخر الإيمان بالرسل عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع أنه مقدم عليها؟ والجواب: أن اليهود كانوا مقرين بأنه لا بد في حصول النجاة من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة إلا أنهم كانوا مصرين على تكذيب بعض الرسل فذكر بعد إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة أنه لا بد من الإيمان بجميع الرسل حتى يحصل المقصود، وإلا لم يكن لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة تأثير في حصول النجاة بدون الإيمان بجميع الرسل.