ختانها، وهناك جلدة رقيقة قائمة مثل عرف الديك، وقطع هذه الجلدة هو ختانها، فإذا غابت الحشفة حاذى ختانها ختانه.
المسألة الثانية: قوله * (فاطهروا) * أمر على الاطلاق بحيث لم يكن مخصوصا بعضو معين دون عضو، فكان ذلك أمرا بتحصيل الطهارة في كل البدن على الاطلاق، ولأن الطهارة لما كانت مخصوصة ببعض الأعضاء لا جرم ذكر الله تعالى تلك الأعضاء على التعيين، فههنا لما لم يذكر شيئا من الأعضاء على التعيين علم أن هذا الأمر أمر بطهارة كل البدن. واعلم أن هذا التطهير هو الاغتسال كما قال في موضع آخر * (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) * (النساء: 43). المسألة الثالثة: الدلك غير واجب في الغسل، وقال مالك رحمه الله: واجب. لنا أن أقوله * (فاطهروا) * أمر بتطهير البدن، وتطهير البدن لا يعتبر فيه الدلك بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الاغتسال من الجناية قال: " أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات خفيفات من الماء فإذا أنا قد طهرت " أثبت حصول الطهارة بدون الدلك، فدل على أن التطهير لا يتوقف على الدلك. المسألة الربعة: لا يجوز للجنب مس المصحف. وقال داود: يجوز. لنا قوله * (فاطهروا) * فدل على أنه ليس بطاهر، وإلا لكان ذلك أمرا بتطهير الطاهر وإنه غير جائز، وإذا لم يكن طاهرا لم يجز له مس المصحف لقوله تعالى: * (لا يمسه إلا المطهرون) * (الواقعة: 79). المسألة الخامسة: لا يجب تقديم الوضوء على الغسل، وقال أبو ثور وداود: يجب. لنا أن قوله * (فاطهروا) * أمر بالتطهير، والتطهير حاصل بمجرد الاغتسال، ولا يتوقف على الوضوء بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: " أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات فإذا أنا قد طهرت ". المسألة السادسة: قال الشافعي رحمه الله: المضمضة والاستنشاق غير واجبين في الغسل، وقال أبو حنيفة رحمه الله: هما واجبان.
حجة الشافعي قوله عليه الصلاة والسلام: " أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات فإذا أنا قد طهرت ".
وحجة أبي حنيفة الآية والخبر. أما الآية فقوله تعالى: * (فاطهروا) * وهذا أمر بأن يطهروا أنفسهم، وتطهير النفس لا يحصل إلا بتطهير جميع أجزاء النفس، ترك العمل به في الأجزاء الباطنة التي يتعذر تطهيرها، وداخل الفم والأنف يمكن تطهيرهما، فوجب بقاؤهما تحت النص، وأما الخبر فقوله عليه الصلاة والسلام: " بلوا الشعر وانقوا البشرة " فإن تحت كل شعرة جنابة " فقوله " بلوا الشعر " يدخل فيه الأنف لأن في داخله شعرا، وقوله " وانقوا البشرة " يدخل فيه جلدة داخل الفم.