بخبر الواحد لا يجوز.
واعلم أنه لا يمكن الجواب عن هذا إلا من وجهين: الأول: أن الأخبار الكثيرة وردت بإيجاب الغسل، والغسل مشتمل على المسح ولا ينعكس، فكان الغسل أقرب إلى الاحتياط فوجب المصير إليه، وعلى هذا الوجه يجب القطع بأن غسل الرجل يقوم مقام مسحها، والثاني: أن فرض الرجلين محدود إلى الكعبين، والتحديد إنما جاء في الغسل لا في المسح، والقوم أجابوا عنه بوجهين: الأول: أن الكعب عبارة عن العظم الذي تحت مفصل القدم، وعلى هذا التقدير فيجب المسح على ظهر القدمين، والثاني: أنهم سلموا أن الكعبين عبارة عن العظمين الناتئين من جانبي الساق، إلا أنهم التزموا أنه يجب أن يمسح ظهور القدمين إلى هذين الموضعين، وحينئذ لا يبقى هذا السؤال. المسألة التاسعة والثلاثون: مذهب جمهور الفقهاء أن الكعبين عبارة عن العظمين الناتئين من جانبي الساق، وقالت الإمامية وكل من ذهب إلى وجوب المسح: إن الكعب عبارة عن عظم مستدير مثل كعب البقر والغنم موضوع تحت عظم الساق حيث يكون مفصل الساق والقدم، وهو قول محمد بن الحسن رحمه الله. وكان الأصمعي يختار هذا القول ويقول: الطرفان الناتئان يسميان المنجمين. هكذا رواه القفال في تفسيره. حجة الجمهور وجوه: الأول: أنه لو كان الكعب ما ذكره الإمامية لكان الحاصل في كل رجل كعبا واحدا، فكان ينبغي أن يقال: وأرجلكم إلى الكعاب، كما أنه لما كان الحاصل في كل يد مرفقا واحدا لا جرم قال * (وأيديكم إلى المرافق) * والثاني: أن العظم المستدير الموضوع في المفصل شيء خفي لا يعرفه إلا المشرحون، والعظمان الناتئان في طرفي الساق محسوسان معلومان لكل أحد، ومناط التكاليف العامة يجب أن يكون أمرا ظاهرا، لا أمرا خفيا. الثالث: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ألصقوا الكعب بالكاعب " ولا شك أن المراد ما ذكرناه. الرابع: أن الكعب مأخوذ من الشرف والارتفاع، ومنه جارية كاعب إذا نتأ ثدياها، ومنه الكعب لكل ما له ارتفاع. حجة الإمامية: أن اسم الكعب واقع على العظم المخصوص الموجود في أرجل جميع الحيوانات، فوجب أن يكون في حق الإنسان كذلك، وأيضا المفصل يسمى كعبا، ومنه كعوب الرمح لمفاصله، وفي وسط القدم مفصل، فوجب أن يكون الكعب هو هو. والجواب: أن مناط التكاليف الظاهرة يجب أن يكون شيئا ظاهرا، والذي ذكرناه أظهر، فوجب أن يكون الكعب هو هو.