المسألة التاسعة والعشرون: قال الشعبي: ما أقبل من الأذن معدود من الوجه فيجب غسله مع الوجه، وما أدبر منه فهو معدود من الرأس فيمسح، وعندنا الأذن ليست البتة من الوجه إذ الوجه ما به المواجهة، والأذن ليست كذلك. المسألة الثلاثون: قال الجمهور: غسل اليدين إلى المرفقين واجب معهما، وقال مالك وزفر رحمهما الله: لا يجب غسل المرفقين، وهذا الخلاف حاصل أيضا في قوله * (وأرجلكم إلى الكعبين) * حجة زفر أن كلمة * (إلى) * لانتهاء الغاية، وما يجعل غاية للحكم يكون خارجا عنه كما في قوله * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) * (البقرة: 187) فوجب أن لا يجب غسل المرفقين. والجواب من وجهين: الأول: أن حد الشيء قد يكون منفصلا عن المحدود بمقطع محسوس، وهاهنا يكون الحد خارجا عن المحدود، وهو كقوله * (ثم أتموا الصيام إلى الليل) * فإن النهار منفصل عن الليل انفصالا محسوسا لأن انفصال النور عن الظلمة محسوس، وقد لا يكون كذلك كقولك: بعتك هذا الثوب من هذا الطرف إلى ذلك الطرف، فإن طرف الثوب غير منفصل عن الثوب بمقطع محسوس. إذا عرفت هذا فنقول: لا شك أن امتياز المرفق عن الساعد ليس له مفصل معين، وإذا كان كذلك فليس إيجاب الغسل إلى جزء أولى من إيجابه إلى جزء آخر، فوجب القول بإيجاب غسل كل المرفق. الوجه الثاني من الجواب: سلمنا أن المرفق لا يجب غسله، لكن المرفق اسم لما جاوز طرف العظم، فإنه هو المكان الذي يرتفق به أي يتكأ عليه، ولا نزاع في أن ما وراء طرف العظم لا يجب غسله، وهذا الجواب اختيار الزجاج والله أعلم. المسألة الحادية والثلاثون: الرجل إن كان أقطع، فإن كان أقطع مما دون المرفق وجب عليه غسل ما بقي من المرفق لأن قوله * (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) * يقتضي وجوب غسل اليدين إلى المرفقين، فإذا سقط بعضه بالقطع وجب غسل الباقي بحكم الآية، وأما إن كان أقطع مما فوق المرفقين لم يجب شيء لأن محل هذا التكليف لم يبق أصلا، وأما إذا كان أقطع من المرفق قال الشافعي رحمه الله: يجب إمساس الماء لطرف العظم، وذلك لأن غسل المرفق لما كان واجبا والمرفق عبارة عن ملتقى العظمين، فإذا وجب إمساس الماء لملتقى العظمين وجب إمساس الماء لطرف العظم الثاني لا محالة.
المسألة الثانية والثلاثون: تقديم اليمنى على اليسرى مندوب وليس بواجب، وقال أحمد: