عن الترغيب في الوصية، وفي القول الثاني محمولة على نهي الحاضرين عن النهي عن الوصية، والأولى أولى، لأن قوله: * (لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا) * أشبه بالوجه الأول وأقرب إليه.
والقول الثالث: يحتمل أن تكون الآية خطابا لمن قرب أجله، ويكون المقصود نهيه عن تكثير الوصية لئلا تبقى ورثته ضائعين جائعين بعد موته، ثم إن كانت هذه الآية إنما نزلت قبل تقدير الوصية بالثلث، كان المراد منها أن لا يجعل التركة مستغرقة بالوصية، وإن كانت نزلت بعد تقدير الوصية بالثلث، كان المراد منها أن لا يجعل التركة مستغرقة بالوصية، وإن كانت نزلت بعد تقدير الوصية بالثلث. كان المراد منها أن يوصي أيضا بالثلث، بل ينقص إذا خاف على ذريته والمروي عن كثير من الصحابة أنهم وصوا بالقليل لأجل ذلك، وكانوا يقولون: الخمس أفضل من الربع، والربع أفضل من الثلث، وخبر سعد يدل عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم: " الثلث والثلث كثير لأن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ".
والقول الرابع: أن هذا أمر لأولياء اليتيم، فكأنه تعالى قال: وليخش من يخاف على ولده بعد موته أن يضيع مال اليتيم الضعيف الذي هو ذرية غيره إذا كان في حجره، والمقصود من الآية على هذا الوجه أن يبعثه سبحانه وتعالى على حفظ ماله، وأن يترك نفسه في حفظه والاحتياط في ذلك بمنزلة ما يحبه من غيره في ذريته لو خلفهم وخلف لهم مالا. قال القاضي: وهذا أليق بما تقدم وتأخر من الآيات الواردة في باب الأيتام، فجعل تعالى آخر ما دعاهم إلى حفظ مال اليتيم أن ينبههم على حال أنفسهم وذريتهم إذا تصوروها، ولا شك أنه من أقوى الدواعي والبواعث في هذا المقصود.
المسألة الثالثة: قال صاحب " الكشاف ": قرىء ضعفاء، وضعافى، وضعافى: نحو سكارى وسكارى. قال الواحدي: قرأ حمزة * (ضعافا خافوا عليهم) * بالامالة فيهما ثم قال: ووجه إمالة ضعاف أن ما كان على وزن فعال، وكان أوله حرفا مستعليا مكسورا نحو ضعاف، وغلاب، وخباب، يحسن فيه الإمالة، وذلك لأنه تصعد بالحرف المستعلي ثم انحدر بالكسرة، فيستحب أن لا يتصعد بالتفخيم بعد الكسر حتى يوجد الصوت على طريقة واحدة، وأما الإمالة في * (خافوا) * فهي حسنة لأنها تطلب الكسرة التي في خفت، ثم قال: * (فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا) * وهو كالتقرير لما تقدم، فكأنه قال: فليتقوا الله في الأمر الذي تقدم ذكره والاحتياط فيه، وليقولوا قولا سديدا إذا أرادوا بعث غيرهم على فعل وعمل، والقول السديد هو العدل والصواب من القول. قال صاحب " الكشاف ": القول السديد من الأوصياء أن لا يؤذوا اليتامى، ويكلموهم كما يكلمون أولادهم بالترحيب وإذا خاطبوهم قالوا يا بني، يا ولدي، والقول السديد من الجالسين إلى المريض أن يقولوا: إذا أردت