يسئلكم أجرا وهم مهتدون (21) ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون (22) أأتخذ من دونه آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون (23) إني إذا لفي ضلال مبين (24) إني آمنت بربكم فاسمعون (25) قيل ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون (26) بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين (27) وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين (28) إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون (29) قوله تعالى: (و جاء من أقصى المدينة رجل يسعى) واسمه حبيب البخاري: وكان مجذوما، وكان قد آمن بالرسل لما وردوا القرية، وكان منزله عند أقصى باب من أبواب القرية، فلما بلغه أن قومه قد كذبوا الرسل وهموا بقتلهم، جاء يسعى، فقال ما قصه الله علينا إلى قوله تعالى: (و هم مهتدون) يعني الرسل، فأخذوه ورفعوه إلى الملك، فقال له الملك، أفأنت تتبعهم؟ فقال:
(وما لي) أسكن هذه الياء حمزة، وخلف، ويعقوب (لا أعبد الذي فطرني) أي: وأي شئ لي إذا لم أعبد خالقي (و إليه ترجعون) عند البعث، فيجزيكم بكفركم؟!
فإن قيل: لم أضاف الفطرة إلى نفسه والبعث إليهم وهو يعلم أن الله قد فطرهم جميعا كما يبعثهم جميعا؟
فالجواب: أن إيجاد الله تعالى نعمة يوجب الشكر، والبعث في القيامة وعيد يوجب الزجر، فكانت إضافة النعمة إلى نفسه أظهر في الشكر، وإضافة البعث إلى الكافر أبلغ في الزجر.
ثم أنكر عبادة الأصنام بقوله تعالى: (أأتخذ من دونه آلهة).
قوله تعالى: (لا تغن عني شفاعتهم) يعني أنه لا شفاعة لهم فتغني، (و لا ينقذون) أثبت هاهنا الياء في الحالين يعقوب، وورش، والمعنى: لا يخلصوني من ذلك المكروه. (إني إذا) فتح هذه الياء نافع، وأبو عمرو.
[قوله تعالى]: (إني آمنت بربكم) فتح هذه الياء أهل الحجاز وأبو عمرو. وفيمن خاطبهم بإيمانه قولان:
أحدهما: أنه خاطب قومه بذلك، قاله ابن مسعود.
والثاني: أنه خاطب الرسل.
ومعنى (فاسمعون): اشهدوا لي بذلك، قاله الفراء. وقال أبو عبيدة: المعنى: فاسمعوا