قوله تعالى: (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب) والمعنى: وما الحياة في هذه الدنيا إلا غرور ينقضي عن قليل (وإن الدار الآخرة) يعني الجنة (لهي الحيوان) قال أبو عبيدة: اللام في " لهي " زائدة للتوكيد، والحيوان والحياة واحد، والمعنى: لهي دار الحياة التي لا موت فيها، ولا تنغيص يشوبها كما يشوب الحياة في الدنيا (لو كانوا يعلمون) أي: لو علموا لرغبوا عن الفاني في الباقي، ولكنهم لا يعلمون.
قوله تعالى: (فإذا ركبوا في الفلك) يعني المشركين (دعوا الله مخلصين له الدين) أي:
أفردوه بالدعاء. قال مقاتل: والدين بمعنى التوحيد، والمعنى أنهم لا يدعون من يدعونه شريكا له (فلما نجاهم) أي: خلصهم من أهوال البحر، وأفضوا (إلى البر إذا هم يشركون) في البر، وهذا إخبار عن عنادهم (ليكفروا بما آتيناهم) هذه لام الأمر، ومعناه التهديد والوعيد، كقوله تعالى:
(اعملوا ما شئتم) و المعنى: ليجحدوا نعمة الله في إنجائه إياهم (وليتمتعوا) قرأ ابن كثير، وحمزة، والكسائي بإسكان اللام على معنى الأمر، والمعنى: ليتمتعوا بباقي أعمارهم (فسوف يعلمون) عاقبة كفرهم. وقرأ الباقون بكسر اللام في " ليتمتعوا "، فجعلوا اللامين بمعنى " كي "، فتقديره: لكي يكفروا، ولكي يتمتعوا، فيكون معنى الكلام: إذا هم يشركون ليكفروا وليتمتعوا، أي: لا فائدة لهم في الإشراك إلا الكفر والتمتع بما يتمتعون به في العاجلة من غير نصيب لهم في الآخرة.
أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون (67) ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين (68) و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين (69) قوله تعالى: (أو لم يروا) يعني كفار مكة (أنا جعلنا حرما آمنا) يعني مكة، وقد شرحنا هذا المعنى في [سورة] القصص (ويتخطف الناس من حولهم) أي: أن العرب يسبي بعضهم بعضا وأهل مكة آمنون (أفبالباطل) وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: الشرك، قاله قتادة.
والثاني: الأصنام، قاله ابن السائب.