فإن قالوا: قد يبطل العلم جملة في حالة النوم والغشي والإنسان حي قيل لهم: وكذلك قد تبطل القدرة جملة حتى لا يقدر الإنسان على تحريك يده أو لسانه أو إيماء بعض جوارحه وهو حي في تلك الحال فوجب أن تكون القدرة غير الحياة وأن الأقانيم أربعة.
فإن قالوا دخول حرف المبالغة في صفة العالم في قولنا عالم وأعلم منه واستحالة المبالغة في صفة الحي والتفضيل بين الحيين دليل على أن العلم ليس من الحياة في شيء قيل لهم فقولوا لأجل هذا بعينه إن القدرة غير الحياة لأننا قد نبالغ في صفة القادر ونقول قادر وأقدر منه ولا نقول حي وأحيا منه فوجب أن تكون القدرة غير الحياة.
وكذلك يقال لهم ما أنكرتم أن تكون الأقانيم خمسة وعشرة لأننا نقول إن الباري موجود حي عالم قادر ونقول إنه مريد وباق وسميع وبصير ومتكلم والباقي السميع البصير المتكلم المريد لا يكون كذلك إلا لوجود بقاء وإرادة وسمع وبصر وكلام. فإن قالوا البقاء هو هو قيل لهم والحياة والعلم هما هو فقولوا إنه أقنوم واحد. فإن قالوا الكلام والإرادة فعل من أفعال المتكلم المريد قيل لهم وكذلك العلم فعل من أفعال العالم فقولوا إنه أقنومان. فإن قالوا قد يعلم بالعلم من لم يفعله قيل لهم وقد يريد بالإرادة ويتكلم بالكلام من لا يفعله وكذلك إن قالوا سمع الباري سبحانه وبصره هو نفس علمه فوجب أنهما ليس