لأن منها الفعال الشريف القائم بنفسه الذي هو الجسم المؤلف وليس بشيء واحد ومنها الشريف القائم بنفسه الذي هو الجوهر الذي ليس بمؤلف فما أنكرتم أن يكون الباري سبحانه جسما فإن قالوا لأننا لم نعقل جسما إلا متغايرا مؤتلفا مصورا وهذه الأمور من صفات الحدث والباري سبحانه لا يجوز عليه ذلك فبطل أن يكون جسما يقال لهم أيضا فما أنكرتم من استحالة كونه جوهرا لأننا لم نعقل جوهرا إلا شاغلا متحيزا قابلا للحوادث من جنس هذه الجواهر وهذه الأمور دالة على حدث من جازت عليه فلما لم يجز أن يكون القديم سبحانه محدثا لم يجز أن يكون جوهرا.
فإن قالوا الجواهر ضربان شريف وخسيس فالخسيس هو القابل منها للأعراض الذي يتميز ويشغل المكان والشريف هو ما لا يجوز ذلك عليه منها فوجب أن يكون غير متميز ولا قابل للأعراض قيل لهم ما أنكرتم أيضا أن تكون الأجسام على ضربين جسم خسيس وهو المتميز القابل لصورة والتأليف والحوادث وضرب شريف لا يقبل شيئا من ذلك ولا يجوز عليه والقديم سبحانه شريف فوجب أنه جسم ليس بذي صورة ولا مكان ولا قابلا للأعراض ولا جواب لهم عن شيء من ذلك.