عليه أراد بقوله اللهم العنهم إن كانوا مستحقين للعن وكان عثمان غير مستحق للقتل ليرضى العامة بذلك وإلا فهو الذي سبب قتله وألب عليه وكان ذلك من غرضه لظلم عثمان وغضبه الأمر وسئل فيما حكي دفعة أخرى عن دم عثمان فقال إن دم عثمان في جمجمتي هذه فقال أهل الحق إنه أراد أن دمه في عنقي ولازم لي وواجب علي حتى أقيد به وأقتل قتلته متى قامت البينة عليهم بأعيانهم وأمكن أخذ الحق منهم. وقال آخرون لا بل أراد أنه هو الذي قتله وأمر بذلك ودعا إليه وكذلك كان يجب عليه.
فكل هذه الأقاويل مع اختلاط القتلة بأهل عسكره وكونهم تحت رايته ليسوغ التأويل للمحارب له والقاعد عنه عند يقينه وتشككه وكان علي عليه السلام أبصر وأعلم بما يعرض لهم من الشبهات وكان لا يجبر القاعد عنه على الحرب علما منه بما سبق إلى وهمه مما هو بريء منه. وقد روي أن عليا عليه السلام قام في الناس خطيبا عند مسيره إلى البصرة فقال أيها الناس املكوا أنفسكم وكفوا أيديكم وألسنتكم عن هؤلاء فإنهم إخوانكم واصبروا على ما نابكم فإن المخصوم من خصم اليوم وسار على تعبئته وأنه قام فيهم مقاما آخر فقال لا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم فإنكم بحمد الله على حجة وإذا قاتلتموهم فغلبتموهم فلا تجهزوا على جريحهم وإذا هزمتموهم فلا تتبعوا مدبرا ولا تكشفوا عورة ولا تمثلوا بقتيل فإذا وصلتم إلى رحال القوم فلا تهتكوا سترا ولا تدخلوا دارا إلا بإذن ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما تجدونه في عسكرهم يعني من سلاح خزائن السلطان فإنه قد بين ذلك وفسره في كلام آخر قد ذكرناه في غير هذا الكتاب ولا تهجوا امرأة وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف القوى والأنفس والعقول ولقد كنا نؤمر بالكف عنهن وإنهم مشركات. وهذا