والإحياء كان منفردا بتولي الأرزاق.
فإن قالوا فما معنى قولكم إنه يرزق الحرام؟.
قيل لهم تأويل ذلك أن يجعله غذاء للأبدان وقواما للأجسام لا على معنى التمليك والإباحة لتناوله لأن ذلك مما قد أجمع المسلمون على خلافه. وهو تعالى رازق الحلال على الوجهين جميعا.
فإن قالوا ما أنكرتم أن يكون معنى الرزق هو معنى التمليك؟.
قيل لهم أنكرنا ذلك لإجماع الأمة على أن الطفل مرزوق لما يرتضعه من ثدي أمه وعلى أن البهائم من ولد النعم مرزوقة لما تتغذى به من لبنها وكذلك هي كلها مرزوقة لما ترتعيه من حشائش الأرض ونباتها وأن البهيمة والطفل لا يملكان ذلك مع كونه رزقا لهما لأنهم متفقون على أن لبن سائر النعم ملك لربها دون سخالها. فبطل ما سألتم عنه. وعلى أنه لو كان الرزق هو التمليك والملك عندهم بمعنى القدرة لكان الباري مملكا للحرام من حيث كان مقدرا على تناوله وعلى أن يكون رازقا له بهذا المعنى ولا مهرب لهم من ذلك.