السماء، فتخرج هذه زهرتها وثمرها وشجرها وتخرج نباتها وتحيي مواتها، وتخرج هذه سبخها وملحها وخبثها، وكلتاهما تسقى بماء واحد، فلو كان الماء مالحا، قيل: إنما استسبخت هذه من قبل الماء، كذلك الناس خلقوا من آدم، فينزل عليهم من السماء تذكرة، فترق قلوب فتخشع وتخضع، وتقسو قلوب فتلهو وتسهو وتجفو. قال الحسن: والله ما جالس القرآن أحد إلا قام بزيادة أو نقصان، قال الله: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا.
وقوله: تسقى بماء واحد اختلفت القراء في قوله تسقى، فقرأ ذلك عامة قراء أهل المدينة والعراق من أهل الكوفة والبصرة: تسقى بالتاء، بمعنى: تسقى الجنات والزرع والنخيل. وقد كان بعضهم يقول: إنما قيل: تسقى بالتاء لتأنيث الأعناب. وقرأ ذلك بعض المكيين والكوفيين: يسقى بالياء. وقد اختلف أهل العربية في وجه تذكيره إذا قرئ كذلك، وإنما ذلك خبر عن الجنات والأعناب والنخيل والزرع أنها تسقى بماء واحد، فقال بعض نحويي البصرة: إذا قرئ ذلك بالتاء، فذلك على الأعناب كما ذكر الانعام في قوله: ما في بطونه وأنث بعد فقال: وعليها وعلى الفلك تحملون فمن قال: يسقى بالياء جعل الأعناب مما تذكر وتؤنث، مثل الانعام. وقال: بعض نحويي الكوفة: من قال تسقى ذهب إلى تأنيث الزرع والجنات والنخيل، ومن ذكر ذهب إلى أن ذلك كله يسقى بماء واحد، وأكله مختلف حامض وحلو، ففي هذا آية.
وأعجب القراءتين إلي أن أقرأ بها، قراءة من قرأ ذلك بالتاء: تسقى بماء واحد على أن معناه: تسقى الجنات والنخل والزرع بماء واحد لمجئ تسقى بعد ما قد جرى ذكرها، وهي جماع من غير بني آدم، وليس الوجه الآخر بممتنع على معنى يسقى ذلك بماء واحد: أي جميع ذلك يسقى بماء واحد عذب دون المالح.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي