وقال جماعة من أهل التأويل: معنى الخوف في هذا الموضع: الخوف الذي هو خلاف الرجاء. قالوا: معنى ذلك: إذا رأيتم منهن ما تخافون أن ينشزن عليكم من نظر إلى ما لا ينبغي لهن أن ينظرن إليه، ويدخلن ويخرجن، واستربتم بأمرهن، فعظوهن واهجروهن. وممن قال ذلك محمد بن كعب.
وأما قوله: * (نشوزهن) * فإنه يعني: استعلاءهن على أزواجهن، وارتفاعهن عن فرشهم بالمعصية منهن، والخلاف عليهم فيما لزمهن طاعتهم فيه، بغضا منهن وإعراضا عنهم وأصل النشوز الارتفاع، ومنه قيل للمكان المرتفع من الأرض نشز ونشاز.
* (فعظوهن) * يقول: ذكروهن الله، وخوفوهن وعيده في ركوبها ما حرم الله عليها من معصية زوجها فيما أوجب عليها طاعته فيه.
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال: النشوز: البغض ومعصية الزوج:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (واللاتي تخافون نشوزهن) * قال: بعضهن.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله:
* (واللاتي تخافون نشوزهن) * قال: التي تخاف معصيتها. قال: النشوز: معصيته وخلافه.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: * (واللاتي تخافون نشوزهن) * قبل المرأة تنشز وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، ثنا روح، قال: ثنا ابن جريج، قال: قال عطاء: النشوز: أن تحب فراقه، والرجل كذلك. ذكر الرواية عمن قال ما قلنا في قوله:
* (فعظوهن) *:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: * (فعظوهن) * يعني: عظوهن بكتاب الله، قال: أمره الله إذا نشزت أن يعظها ويذكرها الله ويعظم حقه عليها.