فضل الله به بعضكم على بعض من منازل الفضل، ودرجات الخير وليرض أحدكم بما قسم الله له من نصيب، ولكن سلوا الله من فضله.
القول في تأويل قوله تعالى: * (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: للرجال نصيب مما اكتسبوا من الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية، وللنساء نصيب من ذلك مثل ذلك.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
(ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئا ولا الصبي شيئا، وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع، فلما لحق للمرأة نصيبها وللصبي نصيبه، وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، قال النساء: لو كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجال!
وقال الرجال: إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة، كما فضلنا عليهن في الميراث! فأنزل الله: * (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) *، يقول:
المرأة تجزى بحسنتها عشر أمثالها كما يجزي الرجل، قال الله تعالى: * (واسألوا الله من فضله) *.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، قال: ثنى أبو ليلى، قال سمعت أبا جرير يقول: لما نزل: * (للذكر مثل حظ الأنثيين) * قالت النساء: كذلك عليهم نصيبان من الذنوب، كما لهم نصيبان من الميراث! فأنزل الله: * (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) يعني الذنوب، واسألوا الله يا معشر النساء من فضله.
وقال آخرون: بل معن ذلك: للرجال نصيب مما اكتسبوا من ميراث موتاهم، وللنساء نصيب منهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنى معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: * (للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن) يعني: ما ترك الوالدان والأقربون، يقول: * (للذكر مثل حظ الأنثيين).