صاحبه، ما لم يكن له مالكا، فيكون لتخييره صاحبه فيما يملك عليه وجه مفهوم، ولا فيهما من يجهل أنه بالخيار في تمليك صاحبه ما هو له غير مالك بعوض يعتاضه منه، فيقال له:
أنت بالخيار فيما تريد أن تحدثه من بيع أو شراء. أو يكون إن بطل هذا المعنى تخيير كل واحد منهما صاحبه مع عقد البيع، ومعنى التخيير في تلك الحال، نظير معنى التخيير قبلها، لأنها حالة لم يزل فيها عن أحدهما ما كان مالكه قبل ذلك إلى صاحبه، فيكون للتخيير وجه مفهوم. أو يكون ذلك بعد عقد البيع، إذا فسد هذان المعنيان. وإذا كان ذلك كذلك صح أن المعنى الآخر من قول رسول الله (ص)، أعني قوله: ما لم يتفرقا إنما هو التفرق بعد عقد البيع، كما كان التخيير بعده، وإذا صح ذلك، فسد قول من زعم أن معنى ذلك: إنما هو التفرق بالقول الذي به يكون البيع. وإذا فسد ذلك صح ما قلنا من أن التخيير والافتراق إنما هما معنيان بهما يكون تمام البيع بعد عقده، وصح تأويل من قال: معنى قوله: * (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) * إلا أن يكون أكلكم الأموال التي يأكلها بعضكم لبعض عن ملك منكم عمن ملكتموها عليه بتجارة تبايعتموها بينكم، وافترقتم عنها، عن تراض منكم بعد عقد بينكم بأبدانكم، أو يخير بعضكم بعضا.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) *.
يعني بقوله جل ثناؤه: * (ولا تقتلوا أنفسكم) * ولا يقتل بعضكم بعضا، وأنتم أهل ملة واحدة، ودعوة واحدة ودين واحد فجعل جل ثناؤه أهل الاسلام كلهم بعضهم من بعض، وجعل القاتل منهم قتيلا في قتله إياه منهم بمنزلة قتله نفسه، إذ كان القاتل والمقتول أهل يد واحدة على من خالف ملتهما. وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (ولا تقتلوا أنفسكم) * يقول: أهل ملتكم.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح: * (ولا تقتلوا أنفسكم) * قال: قتل بعضكم بعضا.
وأما قوله جل ثناؤه: * (إن الله كان بكم رحيما) * فإنه يعني أن الله تبارك وتعالى لم يزل رحيما بخلقه، ومن رحمته بكم كف بعضكم عن قتل بعض أيها المؤمنون، بتحريم دماء