وقد قيل: * (إن يكن غنيا أو فقيرا) *... الآية، أريد: فالله أولى بغنى الغني وفقر الفقير، لان ذلك منه لا من غيره، فلذلك قال بهما، ولم يقل به.
وقال آخرون: إنما قيل بهما لأنه قال: * (إن يكن غنيا أو فقيرا) * فلم يقصد فقيرا بعينه ولا غنيا بعينه، وهو مجهول، وإذا كان مجهولا جاز الرد عليه بالتوحيد والتثنية والجمع. وذكر قائلو هذا القول أنه في قراءة أبي: فالله أولى بهم.
وقال آخرون: أو بمعنى الواو في هذا الموضع.
وقال آخرون: جاز تثنية قوله بهما، لأنهما قد ذكرا كما قيل: * (وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما) *. وقيل: جاز لأنه أضمر فيه من كأنه قيل: إن يكن من خاصم غنيا أو فقيرا، بمعنى: غنيين أو فقيرين، فالله أولى بهما.
وتأويل قوله، * (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا) * أي عن الحق، فتجوروا بترك إقامة الشهادة بالحق. ولو وجه إلى أن معناه: فلا تتبعوا أهواء أنفسكم هربا من أن تعدلوا عن الحق في إقامة الشهادة بالقسط كان وجها. وقد قيل: معنى ذلك: فلا تتبعوا الهوى لتعدلوا، كما يقال: لا تتبع هواك لترضي ربك، بمعنى: أنهاك عنه كما ترضي ربك بتركه.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا) *.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: عني: وإن تلووا أيها الحكام في الحكم لاحد الخصمين على الآخر أو تعرضوا، فإن الله كان بما تعملون خبيرا. ووجهوا معنى الآية إنها نزلت في الحكام على نحو القول الذي ذكرنا عن السدي من قوله: إن الآية نزلت في رسول الله (ص)، على ما ذكرنا قبل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا: ثنا جرير، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس في قول الله: * (وإن تلووا أو تعرضوا) * قال: هما الرجلان يجلسان بين يدي القاضي، فيكون لي القاضي وإعراضه لأحدهما على الآخر.
وقال آخرون: معنى ذلك: وإن تلووا أيها الشهداء في شهاداتكم فتحرفوها ولا تقيموها، أو تعرضوا عنها فتتركوها. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثني معاوية، عن