(وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا) * قالت: إني أريد أن تقسم لي من نفسك! وقد كانت رضيت أن يدعها فلا يطلقها ولا يأتيها، فأنزل الله: * (وأحضرت الأنفس الشح) *.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي: * (وأحضرت الأنفس الشح) * قال: تطلع نفسها إلى زوجها وإلى نفقته. قال: وزعم أنها نزلت في رسول الله (ص)، وفي سودة بنت زمعة كانت قد كبرت، فأراد رسول الله (ص) أن يطلقها، فاصطلحا على أن يمسكها ويجعل يومها لعائشة، فشحت بمكانها من رسول الله (ص).
وقال آخرون: معنى ذلك: وأحضرت نفس كل واحد من الرجل والمرأة الشح بحقه قبل صاحبه. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعت ابن زيد يقول في قوله: * (وأحضرت الأنفس الشح) * قال: لا تطيب نفسه أن يعطيها شيئا فتحلله، ولا تطيب نفسها أن تعطيه شيئا من مالها، فتعطفه عليها.
قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: عني بذلك:
أحضرت أنفس النساء الشح بأنصبائهن من أزواجهن في الأيام والنفقة. والشح: الافراط في الحرص على الشئ، وهو في هذا الموضع: إفراط حرص المرأة على نصيبها من أيامها من زوجها ونفقتها.
فتأويل الكلام: وأحضرت أنفس النساء أهواءهن من فرط الحرص على حقوقهن من أزواجهن، والشح بذلك على ضرائرهن.
وبنحو ما قلنا في معنى الشح، ذكر عن ابن عباس أنه كان يقول.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: * (وأحضرت الأنفس الشح) * والشح: هواه في الشئ يحرص عليه.
وإنما قلنا هذا القول أولى بالصواب من قول من قال: عني بذلك: وأحضرت أنفس الرجال والنساء الشح، على ما قاله ابن زيد، لان مصالحة الرجل امرأته باعطائه إياها من ماله جعلا على أن تصفح له عن القسم لها غير جائزة، وذلك أنه غير معتاض عوضا من جعله الذي بذله لها، والجعل لا يصح إلا على عوض: إما عين، وإما منفعة. والرجل متى جعل للمرأة جعلا على أن تصفح له عن يومها وليلتها فلم يملك عليها عينا ولا منفعة. وإذا