بمثل الذي من به عليكم، وهداه لمثل الذي هداكم له من الايمان. * (إن الله كان بما تعملون خبيرا) * يقول: إن الله كان بقتلكم من تقتلون وكفكم عمن تكفون عن قتله من أعداء الله وأعدائكم وغير ذلك من أموركم وأمور غيركم * (خبيرا) * يعني: ذا خبرة وعلم به، يحفظه عليكم وعليهم، حتى يجازي جميعكم به يوم القيامة جزاء المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته.
وذكر أن هذه الآية نزلت في سبيل قتيل قتلته سرية لرسول الله (ص) بعد ما قال: إني مسلم، أو بعد ما شهد شهادة الحق، أو بعد ما سلم عليهم، لغنيمة كانت معه أو غير ذلك من ملكه، فأخذوه منه. ذكر الرواية والآثار بذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، أن ابن عمر، قال: بعث النبي (ص) محلم بن جثامة مبعثا، فلقيهم عامر بن الأضبط، فحياهم بتحية الاسلام، وكانت بينهم إحنة في الجاهلية، فرماه محلم بسهم فقتله. فجاء الخبر إلى رسول الله (ص)، فتكلم فيه عيينة والأقرع، فقال الأقرع: يا رسول الله سن اليوم وغير غدا!
فقال عيينة: لا والله حتى تذوق نساؤه من الثكل ما ذاق نسائي! فجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي رسول الله ليستغفر له، فقال له النبي (ص): لا غفر الله لك فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت به سابعة حتى مات ودفنوه، فلفظته الأرض. فجاؤوا إلى النبي (ص)، فذكروا ذلك له، فقال: إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم، ولكن الله جل وعز أراد أن يعظكم. ثم طرحوه بين صدفي جبل، وألقوا عليه من الحجارة، ونزلت: * (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا) *... الآية.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي القعقاع بن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد، قال: بعثنا رسول الله (ص) إلى إضم، فخرجت في نفر من