قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا قول من قال: كل من ضرب إنسانا بشئ الأغلب منه أنه يتلفه، فلم يقلع عنه حتى أتلف نفسه به أنه قاتل عمد ما كان المضروب به من شئ، للذي ذكرنا من الخبر عن رسول الله (ص).
وأما قوله: * (فجزاؤه جهنم خالدا فيها) * فإن أهل التأويل اختلفوا في معناه، فقال بعضهم: معناه: فجزاؤه جهنم إن جازاه. ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن علية، عن سليمان التيمي، عن أبي مجلز في قوله: * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) * قال: هو جزاؤه، وإن شاء تجاوز عنه.
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله، قال: ثنا شعبة، عن يسار، عن أبي صالح: * (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) * قال: جزاؤه جهنم إن جازاه.
وقال آخرون: عني بذلك رجل بعينه كان أسلم، فارتد عن إسلامه وقتل رجلا مؤمنا، قالوا: فمعنى الآية: ومن يقتل مؤمنا متعمدا مستحلا قتله، فجزاؤه جهنم خالدا فيها. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة: أن رجلا من الأنصار قتل أخا مقيس بن ضبابة، فأعطاه النبي (ص) الدية قبلها، ثم وثب على قاتل أخيه فقتله. قال ابن جريج وقال غيره: ضرب النبي (ص) ديته على بني النجار، ثم بعث مقيسا وبعث معه رجلا من بني فهر في حاجة للنبي (ص)، فاحتمل مقيس الفهري وكان أيدا، فضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين، ثم ألفي يتغنى:
قتلت به فهرا وحملت عقله * سراة بني النجار أرباب فارع فقال النبي (ص): أظنه قد أحدث حدثا، أما والله لئن كان فعل لا أؤمنه في حل ولا