حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) * قال: هذا الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذان تحاكما إلى كعب بن الأشرف.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن داود، عن الشعبي بنحوه، إلا أنه قال: إلى الكاهن.
قال أبو جعفر: وهذا القول - أعني قول من قال: عني به المحتكمان إلى الطاغوت اللذان وصف الله شأنهما في قوله: * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) * أولى بالصواب، لان قوله، * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) * في سياق قصة الذين ابتدأ الله الخبر عنهم بقوله: * (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك) *، ولا دلالة تدل على انقطاع قصتهم، فإلحاق بعض ذلك ببعض ما لم تأت دلالة على انقطاعه أولى.
فإن ظن ظان أن في الذي روي عن الزبير وابن الزبير من قصته وقصة الأنصاري في شراج الحرة، وقول من قال في خبرهما، فنزلت: * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) * ما ينبئ عن انقطاع حكم هذه الآية وقصتها من قصة الآيات قبلها، فإنه غير مستحيل أن تكون الآية نزلت في حصة المحتكمين إلى الطاغوت، ويكون فيها بيان ما احتكم فيه الزبير وصاحبه الأنصاري، إذ كانت الآية دالة على ذلك. وإذ كان ذلك غير مستحيل، كان إلحاق معنى بعض ذلك ببعض أولى ما دام الكلام متسقة معانيه على سياق واحد، إلا أن تأتي دلالة على انقطاع بعض ذلك من بعض، فيعدل به عن معنى ما قبله. - وأما قوله: * (ويسلموا) * فإنه منصوب عطفا على قوله: * (ثم لا يجدوا في أنفسهم) *.
قوله: * (ثم لا يجدوا في أنفسهم) * نصب عطفا على قوله: * (حتى يحكموك فيما شجر بينهم) *. القول في تأويل قوله تعالى: *