يعني بذلك جل ثناؤه: ويقولون للذين جحدوا وحدانية الله ورسالة رسوله محمد (ص): * (هؤلاء) * يعني بذلك: هؤلاء الذين وصفهم الله بالكفر * (أهدى) * يعني أقوم وأعدل * (من الذين آمنوا) * يعني من الذين صدقوا الله ورسوله وأقروا بما جاءهم به نبيهم محمد (ص) * (سبيلا) * يعني: طريقا. وإنما ذلك مثل، ومعنى الكلام: إن الله وصف الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من اليهود بتعظيمهم غير الله بالعبادة والاذعان له بالطاعة في الكفر بالله ورسوله ومعصيتهما، وأنهم قالوا: إن أهل الكفر بالله أولى بالحق من أهل الايمان به، وإن دين أهل التكذيب لله ولرسوله أعدل وأصوب من دين أهل التصديق لله ولرسوله، وذكر أن ذلك من صفة كعب بن الأشرف، وأنه قائل ذلك. ذكر الآثار الواردة بما قلنا:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عدي، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة، قالت له قريش: أنت خير أهل المدينة وسيدهم؟ قال: نعم. قالوا: ألا ترى إلى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا، ونحن أهل الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية؟ قال: أنتم خير منه. قال:
فأنزلت: * (إن شانئك هو الأبتر) *، وأنزلت: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت) *... إلى قوله: * (فلن تجد له نصيرا) *.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، عن عكرمة في هذه الآية: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) * ثم ذكر نحوه.
وحدثني إسحاق بن شاهين، قال: أخبرنا خالد الواسطي، عن داود، عن عكرمة، قال: قدم كعب بن الأشرف مكة، فقال له المشركون: احكم بيننا وبين هذا الصنبور الأبتر، فأنت سيدنا وسيد قومك. فقال كعب: أنتم والله خير منه. فأنزل الله تبارك وتعالى: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) *... إلى آخر الآية.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، قال:
أخبرنا أيوب، عن عكرمة: أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش، فاستجاشهم على النبي (ص)، وأمرهم أن يغزوه، وقال: إنا معك نقاتله، فقالوا: إنكم