أهل كتاب، وهو صاحب كتاب، ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما! ففعل. ثم قالوا: نحن أهدى أم محمد؟ فنحن ننحر الكوماء، ونسقي اللبن على الماء، ونصل الرحم، ونقري الضيف، ونطوف بهذا البيت، ومحمد قطع رحمه، وخرج من بلده. قال: بل أنتم خير وأهدى! فنزلت فيه: * (ألم تر إلى الذين أوتو نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) *.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن مفضل، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: لما كان من أمر رسول الله (ص) واليهود بني النضير ما كان حين أتاهم يستعينهم في دية العامريين، فهموا به وبأصحابه، فأطلع الله ورسوله على ما هموا به من ذلك، ورجع رسول الله (ص) إلى المدينة، فهرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة، فعاهدهم على محمد، فقال له أبو سفيان: يا أبا سعد، إنكم قوم تقرأون الكتاب، وتعلمون، ونحن قوم لا نعلم، فأخبرنا: ديننا خير أم دين محمد؟ قال كعب: اعرضوا علي دينكم! فقال أبو سفيان: نحن قوم ننحر الكوماء، ونسقي الحجيج الماء، ونقري الضيف، ونعمر بيت ربنا، ونعبد آلهتنا التي كان يعبد آباؤنا، ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه. قال: دينكم خير من دين محمد، فاثبتوا عليه! ألا ترون أن محمدا يزعم أنه بعث بالتواضع، وهو ينكح من النساء ما شاء؟ وما نعلم ملكا أعظم من ملك النساء! فذلك حين يقول: * (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) *.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: نزلت في كعب بن الأشرف وكفار قريش قال: كفار قريش أهدى من محمد عليه الصلاة والسلام. قال ابن جريج: قدم كعب بن الأشرف، فجاءته قريش فسألته عن محمد فصغر أمره ويسره وأخبرهم أنه ضال. قال: ثم قالوا له: ننشدك الله نحن أهدى أم هو؟ فإنك قد علمت أنا ننحر الكوم، ونسقي الحجيج، ونعمر البيت، ونطعم ما هبت الريح! قال: أنتم أهدى.