افتراقهما بالجعل الذي بذلته المرأة لزوجها لا جناح عليهما فيما افتدت به من الوجه الذي أبيح لهما، وذلك أن يخافا أن لا يقيما حدود الله بمقام كل واحد منهما على صاحبه.
وقد زعم بعض أهل العربية أن في ذلك وجهين: أحدهما أن يكون مرادا به: فلا جناح على الرجل فيما افتدت به المرأة دون المرأة، وإن كانا قد ذكرا جميعا كما قال في سورة الرحمن: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان وهما من الملح لا من العذب، قال:
ومثله: فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما وإنما الناسي صاحب موسى وحده قال: ومثله في الكلام أن تقول: عندي دابتان أركبهما وأسقي عليهما وإنما تركب إحداهما وتسقي على الأخرى، وهذا من سعة العربية التي يحتج بسعتها في الكلام.
قال: والوجه الآخر أن يشتركا جميعا في أن لا يكون عليهما جناح، إذ كانت تعطي ما قد نفي عن الزوج فيه الاثم. اشتركت فيه، لأنها إذا أعطت ما يطرح فيه المأثم احتاجت إلى مثل ذلك.
قال أبو جعفر: فلم يصب الصواب في واحد من الوجهين، ولا في احتجاجه فيما احتج به قوله: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان. فأما قوله: فلا جناح عليهما فقد بينا وجه صوابه، وسنبين وجه قوله: يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان في موضعه إذا أتينا عليه إن شاء الله تعالى.
وإنما خطأنا قوله ذلك لان الله تعالى ذكره قد أخبر عن وضعه الحرج عن الزوجين إذا افتدت المرأة من زوجها على ما أذن، وأخبر عن البحرين أن منهما يخرج اللؤلؤ والمرجان، فأضاف إلى اثنين، فلو جاز لقائل أن يقول: إنما أريد به الخبر عن أحدهما فيما لم يكن مستحيلا أن يكون عنهما جاز في كل خبر كان عن اثنين غير مستحيلة صحته أن يكون عنهما أن يقال: إنما هو خبر عن أحدهما، وذلك قلب المفهوم من كلام الناس والمعروف من استعمالهم في مخاطباتهم، وغير جائز حمل كتاب الله تعالى ووحيه جل ذكره على الشواذ من الكلام وله في المفهوم الجاري بين الناس وجه صحيح موجود.
ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: فلا جناح عليهما فيما افتدت به أمعني به:
أنهما موضوع عنهما الجناح في كل ما افتدت به المرأة نفسها من شئ أم في بعضه؟ فقال