وصفنا قبل. وإذا كان ذلك هو الايلاء فالفئ الذي يبطل حكم الايلاء عنه لا شك أنه غير جائز أن يكون إلا ما كان الذي آلى عليه خلافا لأنه لما جعل حكمه إن لم يفئ إلى ما آلى على تركه الحكم الذي بينه الله لهم في كتابه كان الفئ إلى ذلك معلوما أنه فعل ما آلى على تركه إن أطاقه، وذلك هو الجماع، غير أنه إذا حيل بينه وبين الفئ الذي هو الجماع بعذر، فغير كائن تاركا جماعها على الحقيقة، لان المرء إنما يكون تاركا ماله إلى فعله وتركه سبيل، فأما من لم يكن له إلى فعل أمر سبيل، فغير كائن تاركه. وإذ كان ذلك كذلك فإحداث العزم في نفسه على جماعها مجزئ عنه في حال العذر، حتى يجد السبيل إلى جماعها. وإن أبدى ذلك بلسانه وأشهد على نفسه في تلك الحال بالأوبة والفئ كان أعجب إلي.
القول في تأويل قوله تعالى: فإن الله غفور رحيم.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: فإن الله غفور لكم فيما اجترمتم بفيئكم إليهن من الحنث في اليمين التي حلفتم عليهن بالله أن لا تغشوهن، رحيم بكم في تخفيفه عنكم كفارة أيمانكم التي حلفتم عليهن ثم حنثتم فيه. ذكر من قال ذلك:
3612 - حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الأعلى، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن: فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم قال: لا كفارة عليه.
* - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن الحسن، قال: إذا فاء فلا كفارة عليه.
3613 - حدثنا المثنى، قال: ثنا حماد بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: ثنا أبو عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: كانوا يرون في قول الله: فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم أن كفارته فيؤه.
وهذا التأويل الذي ذكرنا هو التأويل الواجب على قول من زعم أن كل حانث في يمين هو في المقام عليها حرج، فلا كفارة عليه في حنثه فيها، وإن كفارتها الحنث فيها.