يعني بقوله جل ثناؤه: فإذا قضيتم مناسككم فإذا فرغتم من حجكم فذبحتم نسائككم، فاذكروا الله يقال منه: نسك الرجل ينسك نسكا ونسكا ونسيكة ومنسكا إذا ذبح نسكه، والمنسك: اسم مثل المشرق والمغرب. فأما النسك فالدين، فإنه يقال منه ما كان الرجل ناسكا، ولقد نسك، ونسك نسكا ونسكا ونساكة، وذلك إذا تقرأ.
وبمثل الذي قلنا في معنى المناسك في هذا الموضع قال مجاهد.
3057 - حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: فإذا قضيتم مناسككم قال: إهراقة الدماء.
* - وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
وأما قوله: فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فإن أهل التأويل اختلفوا في صفة ذكر القوم آباءكم الذين أمرهم الله أن يجعلوا ذكرهم إياه كذكرهم آباءهم أو أشد ذكرا، فقال بعضهم: كان القوم في جاهليتهم بعد فراغهم من حجهم ومناسكهم يجتمعون فيتفاخرون بمآثر آبائهم، فأمرهم الله في الاسلام أن يكون ذكرهم بالثناء والشكر والتعظيم لربهم دون غيره، وأن يلزموا أنفسهم من الاكثار من ذكره نظير ما كانوا ألزموا أنفسهم في جاهليتهم من ذكر آبائهم. ذكر من قال ذلك:
3058 - حدثنا تميم بن المنتصر، قال: ثنا إسحاق بن يوسف، عن القاسم بن عثمان، عن أنس في هذه الآية، قال: كانوا يذكرون آباءهم في الحج، فيقول بعضهم: كان أبي يطعم الطعام، ويقول بعضهم: كان أبي يضرب بالسيف، ويقول بعضهم: كان أبي جز نواصي بني فلان.
3059 - وحدثني محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عبد العزيز، عن مجاهد قال: كانوا يقولون: كان آباؤنا ينحرون الجزر، ويفعلون كذا، فنزلت هذه الآية: اذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا.
3060 - حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي وائل: فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا قال: كان أهل الجاهلية يذكرون فعال آبائهم.