وأقبرهم تحت الأرض بعد أن سلط عليهم عذابا شديدا مؤلما، سنوضح شرحه في الآيات التالية.
يقول تعالى: وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية.
" صرصر " على وزن (دفتر) تقال للرياح الباردة أو المقترنة بصوت وضوضاء، أو المسمومة، وقد ذكر المفسرون هذه المعاني الثلاث في تفسيرها، والجمع بين جميع هذه المعاني ممكن أيضا.
" عاتية " من مادة (عتو) على وزن (علو) بمعنى التمرد على القانون الطبيعي للرياح وليست على أمر الله.
ثم تبين الآية التالية وصفا آخر لهذه الرياح المدمرة، حيث يقول تعالى:
سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما.
" حسوما " من مادة (حسم) على وزن (رسم) بمعنى إزالة آثار شئ ما، وقيل للسيف (حسام) على وزن (غلام)، ويقال: (حسم) أحيانا لوضع الشئ الحار على الجرح للقضاء عليه من الأساس.
لقد حطمت وأفنت هذه الريح المدمرة في الليالي السبع والأيام الثمانية جميع معالم حياة هؤلاء القوم، والتي كانت تتميز بالأبهة والجمال، واستأصلتهم من الجذور (1).
ويصور لنا القرآن الكريم مآل هؤلاء المعاندين بقوله تعالى: فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية.
إنه لتشبيه رائع يصور لنا ضخامة قامتهم التي اقتلعت من الجذور، بالإضافة إلى خواء نفوسهم، حيث أن العذاب الإلهي جعل الريح تتقاذف أجسادهم من جهة إلى أخرى.