والخيانة هنا لا تعني الانحراف عن جادة العفة والنجابة، لأنهما زوجتا نبيين ولا يمكن أن تخون زوجة نبي بهذا المعنى للخيانة، فقد جاء عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): " ما بغت امرأة نبي قط ".
كانت خيانة زوجة لوط هي أن أفشت أسرار هذا النبي العظيم إلى أعدائه، وكذلك كانت زوجة نوح (عليه السلام).
وذهب الراغب في " المفردات " إلى أن للخيانة والنفاق معنى واحدا وحقيقة واحدة، ولكن الخيانة تأتي في مقابل العهد والأمانة، والنفاق يأتي في الأمور الدينية وما تقدم من سبب النزول ومشابهته لقصة هاتين المرأتين توج ب كون المقصود من الخيانة هنا هو نفس هذا المعنى.
وعلى كل حال فإن الآية السابقة تبدد أحلام الذين يرتكبون ما شاء لهم أن يرتكبوا من الذنوب ويعتقدون أن مجرد قربهم من أحد العظماء كاف لتخليصهم من عذاب الله، ومن أجل أن لا يظن أحد أنه ناج من العذاب لقربه من أحد الأولياء، جاء في نهاية الآية السابقة: فلم يغنينا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين.
ثم يذكر القرآن الكريم نموذجين مؤمنين صالحين فيقول: وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون.
من المعروف أن اسم زوجة فرعون (آسية) واسم أبوها (مزاحم) وقد آمنت منذ أن رأت معجزة موسى (عليه السلام) أمام السحرة، واستقر قلبها على الإيمان، لكنها حاولت أن تكتم إيمانها، غير أن الإيمان برسالة موسى وحب الله ليس شيئا يسهل كتمانه، وبمجرد أن اطلع فرعون على إيمانها نهاها مرات عديدة وأصر عليها أن تتخلى عن رسالة موسى وربه، غير أن هذه المرأة الصالحة رفضت الاستسلام إطلاقا.
وأخيرا أمر فرعون أن تثبت يداها ورجلاها بالمسامير، وتترك تحت أشعة